وصف الدكتور سحمي الهاجري الرواية القوية بأنها تعمق الفكرة وتستنفر الحواس والمشاعر لدى المتلقي، مشيرا إلى أن الرواية المحلية تعتمد على ان السياق اقوى من النصوص بدون ربطه الوثيق بسياقات الإنتاج وسياقات التلقي، ثم ختم ببعض شهادات الروائيين في دوافعهم للكتابة. جاء ذلك خلال ندوة أقامها نادي جدة الأدبي الثقافي بعنوان «الروائيون الجدد»، قدمها كل من الدكتور معجب العدواني والدكتور سحمي الهاجري، وأدارها القاص محمد علي قدس بحضور مدير عام الأندية الأدبية الدكتور احمد قران الزهراني. وبدأ الهاجري الندوة بشكره للنادي والمنظمين والحضور، مرتكزا في ورقته على دوافع الكتابة لاستجلاء الظاهرة متحدثا عن ما أسماهم الروائيين الجدد، والوظيفة الإجرائية والقيمة المعرفية لديهم محددا ثبات المؤثرات والخطاب العميق للرواية ثم تحدث الهاجري عن الطفرة الروائية والتطور المعرفي والتكاثر الكمي للرواية وحجم الفراغ المفتوح، وذكر سبب كثرة الروايات على حساب الفنون الأخرى كالشعر والقصة يعود لأن الشعر وعي فردي من فنون تاريخية تعتمد على الاختصار والاختزال والخلاصة والنهايات. ثم تحدث الدكتور معجب العدواني في ورقته عن المصطلح وتقسيمه بين نقاد والجيل القديم من الروائيين من خلال منهج سيكولوجي نفسي واحلال العام في الخاص، وهذا كما يقول العدواني ليس مطلبا علميا وذكر تشكيل السجال رواية ضد رواية وبعض الروائيين لم تحض عربيا إلا القليل لأنها وقعت في مأزق النقد الشمولي والبعض في مراجعات. وقال العدواني هذا مصطلح غير بريء يركز على الذوات، ويهمل أفعالها، ويستبيح تحديد الزمن وتقسيمه بالصورة التي نتطلع إليها، ويبدي مراوغة وانحيازا في سكه، وفي اختياره، ولكنه قد يحيلنا إلى التركيز على منجز أولئك الروائيين الفاعلين وغير الفاعلين خلال حقبة منصرمة منذ عقد أو يزيد، لكن ذلك كله يخلق حالة من القلق في إحلال العام في موقع الخاص، والجمعي في موقع الفردي، وفي رأيي أن النظر من هذه الزاوية لن يصل إلى الدقة والعلمية المأمولتين، ولهذا فسيكون لأحكام التعميم حضورها في غياب الغوص الرأسي في الأعمال الروائية، والتوجه إلى البعد الأبوي للنقد والأجيال السابقة. لا يمكن النظر إلى الروائيين الجدد بوصفهم طبقة واحدة، إذ أميل إلى تشكيلهم في اتجاهين لا يربط بينهما رابط، ولا يجمعهما جامع سوى التسمية والسجال، وأريد بالتسمية إطلاق الرواية على أعمالهم، وأردت بالسجال بناء عمل مضاد لعمل سابق له، إذن فنحن أمام فئتين من الروائيين الجدد وهما: الفئة الأولى (أ) الروائيون الجدد الذين يصبون إلى معالجة الفعل الإنساني باجتياز الأدلجة إلى صوغ الفن والجمال، وقد راجت أعمال هذه الفئة رواجا تحقق بفضل ثورة المعلومات وانتشار وسائل التواصل، لكنها لم تحظ بحضورها المرتجى عربيا إلا في حالات قليلة. ويعود ذلك في رأيي إلى وقوع هذه الفئة في مأزق التلقي النقدي الشمولي، وهذا الأمر ربما لم تتعرض له الأعمال الروائية للأجيال السابقة، إذ كان العمل يحظى بعدد من المراجعات المحلية أولا ليجتاز إلى المستوى العربي. أما بعض الروائيين الجدد فقد كان وضعهم مختلفا فقد حظيت أعمال بعضهم بمراجعات نقدية وحضور تفاعلي، لعلي أشير إلى أن أعمال عدد يسير منهم قد حظيت بدراسات نقدية جادة يحيى أمقاسم «ساق الغراب»، فإننا سنجد بعض مدعي النقد عربيا يروجون لدراسات عن الرواية السعودية منسوخة من الانترنت .. وهم من أولئك الذين يصدرون كتبا لا تمثل سوى نقل واقتباس عن الرواية السعودية، ويمثل هؤلاء خطرا على الكتابة الروائية إذ أن مراجعاتهم تحوم حولها الشبهات في بلدانهم، وأرى أن قراءاتهم من القراءات التي لا تضيف. الفئة الأخرى (ب) فئة الروائيين الخاضعين لأدلجة ما، إنهم أولئك الذين يكتبون الرواية بوصفها نصا ينطلق من أيدلوجية مضادة لموقف أو نص أو شخص، وتجبرك هذه الفئة على تناولها على الرغم من ضعف الجمالية وضحالة الفكر، وذلك لكونها تمثل اتجاها قام بفرضها ولها قراؤها المتعصبون، ولديها منصات النشر الخاصة بها، إلى جانب توفر الدعم الكبير الذي تحظى به. وتطرق إلى علاقة النقاد من خلال التبجيل للرواية والتنائي والكشف ووصف معرفي هجومي ثم عرج على نقد الحداثة خلال مرحلة الثمانينات والتسعينات، حيث شهدت زيادة الأعمال الروائية، وأخيرا المرحلة الراهنة عندما تحول الروائيون إلى نقاد. ثم فتحت المداخلات بدأها الدكتور عبدالعزيز الطلحي الذي اعترض على العنوان بقوله «ليس لدينا روائيون جدد، كي نقيم لهم ندوة»، وتبعه الدكتور يوسف العارف بأن العنوان مربك ومضلل، فيما داخل الدكتور عائض القرني بقوله ورقة الدكتور سحمي الهاجري ضعيفة، أما المعجب أكاديمية وختمت هذه المداخلات الدكتورة لمياء باعشن بقولها «لا زالت مقولة سلطة الأب جاثمة في سياقنا الثقافي».