بين حين وآخر يخرج للنور مركز جديد لتقديم الإحصاءات والدراسات، آخر المراكز الذي يعد العدة لتشغيله «المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية»، والذي أكد مديره «علي الحناكي» أن المركز سيرى النور خلال أشهر قليلة بعد استيفاء كامل الإجراءات الإدارية والمالية المتعلقة بتشغيله، وأن مهام المركز رصد القضايا والمشكلات الاجتماعية التي تشغل بال المجتمع، وأن أعضاء مجلس إدارته سيتشكلون من بعض قطاعات حكومية ومن أساتذة بالجامعات، وأن هذا المركز يشابه مركزا موجودا بألمانيا تحديدا. أفهم الأسباب التي تدفع القطاعات الحكومية في ألمانيا وغيرها إلى إنشاء مركز كهذا، فهي وبسبب خصخصة التعليم أصبحت الجامعات قطاعا خاصا ولا يمكن تشغيلها لحساب الحكومة، وآلية عمل مثل هذه المراكز أن يدفع ويمول البحوث العلمية التي ستقوم بها جامعة أو بعض الجامعات في أي مجال «وزارة الدفاع الأمريكية تدفع المليارات للجامعات من أجل تطوير أسلحتها». ما لا أفهمه أن نفعل مثل ألمانيا وننشئ مراكز بأعضاء مجلس إدارة وجهاز إداري ومال «وباحثين»، فيما 24 جامعة تكلف الدولة ميزانية سنوية بالمليارات، وترصد مئات الملايين سنويا للبحوث والدراسات. فمثل هذا المركز «للدراسات والبحوث الاجتماعية» المزمع إنشاؤه، لن يختلف في طريقة تأسيسه وعمله ودراساته عن أي كلية من كليات «العلوم الإنسانية» في 24 جامعة، إن أراد تقديم الإحصاءات والدراسات والبحوث الاجتماعية العلمية، وهذا ما يفرض سؤالا مهما مفاده: هل يحتاج المجتمع لهذا المركز إن كان لن يختلف في آلية عمله عن 24 كلية «للعلوم الإنسانية»، موجودة ومؤسسة وليست قطاعا خاصا، لتضطر الحكومة لدفع الأموال للجامعات لتقدم لها الدراسات كما يحدث بألمانيا؟ أعرف العوار القديم في «ال24 جامعة» في مسألة «البحوث العلمية»، وأن المجتمع وصل إلى درجة إباحة بيع البحوث العلمية لطلاب الجامعات والدراسات العليا علنا «بدكاكين» مقابلة للجامعات. ولكن ومن جديد «عوار البحوث العلمية» بالجامعات وفي كل التخصصات يفرض سؤالا أكثر أهمية من السؤال السابق مفاده: هل الأفضل إصلاح هذا العوار «في 24 جامعة بكلياتها»، أم الأفضل إنشاء مراكز علمية جديدة يصرف عليها من المال العام، فيما تترك 24 جامعة تستنزف المليارات سنويا لتشغيلها، ومئات الملايين سنويا للبحوث العلمية، دون مساءلتها ما الذي قدمته للمجتمع؟.