قبل أكثر من عام كتبت عن من هو «الآمر بالمعروف»، أو من يستحق هذا المسمى الذي يحمل قدسيته، لأنه ذكر بالقرآن الكريم؟ وأنه ليصبح الإنسان «آمرا بالمعروف» أمر مرهق له علميا، فهو يحتاج أن يصبح عالما بالدين، فيعرف ما هو معروف وما هو منكر، وألا ينكر على ما هو مختلف عليه بين العلماء أي مطلع على كل المذاهب، أو ما يدخله الظن أو قابل لعدة تفاسير، وأن ينكر ما يحدث بالمكان العام وألا يخترق الخصوصية، وبعد كل هذه المعرفة عليه أن يكون حكيما؛ لأن الفظاظة لا تؤدي لإصلاح من تريد، بل للعداوات، وأن «الآمر بالمعروف» عليه أن يتحلى بالصبر؛ لأن هدفه ليس المعاقبة؛ إنما الإصلاح، كذلك عمل الآمر بالمعروف تطوعي؛ لأنه كعالم بالدين يفعل هذا لوجه الله دون مقابل. اليوم ونحن نشاهد ما يحدث من قلة يحملون هذا «المسمى»، وفظاظتهم وغلظتهم وتعديهم وهجومهم على أفراد المجتمع، حتى «رئيس هيئة الأمر بالمعروف» لم يسلم من تلفيق التهم عليه لأنه يريد إصلاح هذا الجهاز، يجعلني أتساءل: أما آن الأون ليتم تطوير «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» نحو آفاق عملية أكثر مؤسساتية. ليس لأبعاد هذه الشعيرة عن المجتمع، بل لحماية الشعيرة من أن يرتديها من لا يحمل صفة «الآمر بالمعروف»، فهذا المسمى شئنا أم أبينا من سيحمله يراه الجميع ممثلا «للدين». وبالتأكيد أي تصرف فظ أو استغلال للمنصب أو عنف اتجاه الأفراد «وخصوصا غير المسلمين الذين لا يعرفون شيئا عن الدين»، وإن كان فرديا، لن يطال الفرد الذي وبسبب صفة «الآمر بالمعروف» التي منحت له، أصبح ممثلا للدين، بل سيلصق بالدين وأنه هو من يأمره بهذا، والدين بريء من هذه التهمة، لأن الدين لم يرسل مع «فظ غليظ القلب».. خصوصا أن «الآمر بالمعروف» هو عالم دين قضى جل حياته بالبحث عما هو معروف ومنكر وما اختلفت عليه المذاهب، وحكيم وصبور، ويأمر بالمعروف تطوعا دون مقابل؛ لأن مقاصده بهذا العمل وجه الله.