عهد المجتمع أجيالا من الرجال لا يمدون أيديهم إلى أموال نسائهم حتى لو كانت المرأة بنت «شاه بندر التجار» ويعتبرون أن من أهم أسس القوامة والشهامة أن يكون رب الأسرة مسؤولا عن رعاية أسرته من زوج وذرية ماديا ومعنويا لأنه رجل البيت والمسؤول عنه وعن توفير احتياجاته ولاسيما الضرورية منها لجميع أفراد الأسرة، وحتى عندما أصبحت المرأة عاملة ذات دخل شهري فإن بعلها لم يكن يطلب منها مشاركته في تحمل أعباء النفقة المالية، بل يترك لها حرية المشاركة وفي الكماليات وأمور الترفيه فقط لا غير وبأريحية ونفس سخية وليس على سبيل الفرض والإكراه، فيما ظل بعول يرفضون حتى المشاركة المادية في الأمور الكمالية لأنه يرى أن في ذلك قدحا في قوامته ودوره كرب أسرة مسؤول عنها ومن واجبه إسعادها بتوفير ما تحتاجه من ضروريات وكماليات. ثم اقتضى تطور الحياة وزيادة أعبائها وثقل مسؤولياتها تعاون المرأة العاملة وبعلها في تحمل تلك الأعباء والمسؤوليات من إيجار سكن ومصاريف شهرية وترفيهية حسب إمكانية ودخل كل طرف وهو تعاون محمود مثمر ولاسيما إذا تم بالتراضي والاقتناع التام وفي جو من الألفة والمودة والتسامح. ولكن ما طرأ على المجتمع أن بعض البعول استغلوا أريحية نسائهم ورغباتهن في المشاركة الواسعة السخية في تحمل المسؤولية المالية للأسرة فاعتبروا تلك المشاركة واجبا أساسيا على المرأة وليس مجرد مشاركة تتم بطيب نفس وأخذ بعض أولئك البعول يلقي بكامل المسؤولية على زوجه فتصبح هي التي تنفق على الأسرة فتدفع الإيجار السنوي وتغطي الفواتير وتوفر المستلزمات الضرورية والكمالية ورواتب السائق والخادمة خاصة إن كان راتبها (يستحمل) أما بعلها فيشارك (بمجهوده) إن كان لديه مجهود، أما دخله فيدخل في حسابه البنكي كاملا غير منقوص فلا قوامة ولا شهامة، بل أنانية مفرطة واستغلال غير سوي لطيبة المرأة وصبرها وضعفها وأريحيتها وحرصها على استمرار العلاقة الزوجية ولو بالتضحية بدخلها أو بالجزء الأكبر منه، بينما يعمد بعلها إلى ادخار دخله كله أو جله أو ( بعزقته) على ملذاته وسفرياتها وشهواته، هذا إن لم يفاجئها ذات يوم بالزواج عليها مما أدخره لأنه يريد تجديد شبابه على حد قوله، وقد وصل إلى أسماعي حكايات وروايات عن هذا النوع من البعول الذين فقدوا نعمة المروءة والحياء، وحولوا العلاقة الزوجية المقدسة إلى تجارة واستغلال رخيص وقهر لنسائهم. فإما أن تقبل بهذا الاضطهاد أو يرفع على رأسها سيف الطلاق، ويكون الفراق والشقاق وتمزق الأسرة، ويضيع الأطفال للأسف الشديد !