الحرب التي تدور رحاها على الحدود اللبنانية السورية، وعلى الأخص في قرية عرسال وما حولها ليست حربا حدودية بين دولتين، كما أنها ليست شأنا لبنانيا خاصا يمكن لدول المنطقة أن تنأى بنفسها عن أن يكون لها موقف مساند للبنان في هذه الحرب يعزز من قدراتها على مواجهة تحديات هذه الحرب بعد أن كانت لبنان قد نأت بنفسها عن الحرب التي تدور رحاها على الساحة السورية غير أن ذلك النأي لم يفدها حين أصرت أطراف من داخلها ممثلة في حزب الله على الزج بها في أتون هذه المعركة وبعد أن سعت بعض التنظيمات، خاصة التنظيمات الإرهابية ممثلة في جبهتي داعش والنصرة، على توسيع دائرة الحرب لتشمل الأراضي اللبنانية انطلاقا من قرية عرسال الحدودية. الحرب في قرية عرسال في جوهرها حرب بين الجيش اللبناني والتنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى تحقيق حلمها أو وهمها بإقامة الخلافة الإسلامية في بلاد الشام والعراق كمرحلة أولى تتلوها مراحل تمتد مساحتها فيها لتشمل الدول العربية جميعها ودولا آسيوية وأفريقية وأوروبية أخرى كشفت عنها الخرائط المسربة لتلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية. الحرب في لبنان ليست حربا على لبنان فحسب وإنما هي بدايات حرب شاملة سوف تتلظى بنيرانها دول المنطقة جميعها لو حدث، لا قدر الله، أن خسرت لبنان هذه الحرب، والأخطر من ذلك أن كل انتصار لهذه الجماعات الإرهابية من شأنه أن يرفع من سقف طموحاتها ويوسع من دائرة صراعها ويعزز قدراتها ويمنح خطابها المتطرف مصداقية تزيد من قدرته على استدراج التابعين له والمنضمين لمقاتليه. من هنا يمكن لنا أن نتفهم سياسة المملكة وحكمة الملك عبدالله والمتمثلة في دعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته وتطوير إمكاناته لتحقيق الانتصار في معركته ضد الجماعات الإرهابية التي تسللت إلى أراضيه فمعركة لبنان هي معركة المنطقة ضد الإرهاب وضد من يستعينون بمنظمات الإرهاب لزعزعة استقرار المنطقة والنيل من مقدراتها وضرب أمن شعوبها، لبنان في هذه الحرب تقاتل نيابة عنا جميعا ودعمها يعني فيما يعنيه تحقيق ضربة استباقية ضد جماعات الإرهاب لكي لا نجد أنفسنا مضطرين إلى مواجهتها على حدودنا لو استطاعت، لا قدر الله، السيطرة على دول أخرى في المنطقة كما هو حادث في العراق الذي هزمته سياسة المالكي قبل أن تهزمه داعش، وكما هو حادث في سوريا التي دمرتها قوات الأسد وتركتها أرضا خصبة لتفشي الإرهاب وتوالد التنظيمات المتطرفة.