وافق الكونغرس الأمريكي يوم الجمعة الماضي على تخصيص 225 مليون دولار لتمويل منظومة القبة الحديدية الدفاعية لاعتراض الصواريخ التي تطلقها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل قبل وصولها إلى أهدافها. وقد تم التصويت بأغلبية 395 صوتا مقابل ثمانية فقط، وفي ذروة المأساة التي تحدث في غزة وحصدت إلى الآن حوالي ألفين معظمهم من المدنيين والأطفال. وللمعلومية فهذا المبلغ يمثل جزءا من 3.1 بليون دولار طلبتها الإدارة الأمريكية للمساعدة العسكرية لإسرائيل. هنا ليس وقت الكلام عن بعض التفاصيل أو إلقاء اللوم على حماس أو غيرها أو البحث عن تخريجات غير منطقية وغير إنسانية تحاول إيجاد مسوغات لجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، نحن نتحدث عن المعادلة المتناقضة التي لا يمكن أن تكون مقنعة لأكثر البشر سذاجة وجهلا، وهي استمرار أمريكا في ادعاءاتها أنها راعية سلام تبحث عن الحلول العادلة والتهدئة في هذا الجزء المنكوب من العالم. المنطق لا يمكن أن يسمح بوصف أحد أنه وسيط للسلام في الوقت الذي يكون فيه شريكا استراتيجيا دائما لطرف من أطراف النزاع، وأية محاولة لتبرير مثل هذا الدعم كونه التزاما باتفاقيات سابقة ينسفها التوقيت السيئ واللا أخلاقي، وبالتالي من سيصدق الإدارة الأمريكية بأنها وسيطة سلام ومن سيأمل خيرا من جولات جون كيري عندما تقدم أمريكا لإسرائيل مئات الملايين لدعم ترسانتها العسكرية التي تنهال بالجحيم على رؤوس العزل. أداء إدارة أوباما يتناقض تماما مع كل المثل والقيم التي تحدث عنها وبشر بها، سواء في خطاب التنصيب أو في خطابه الشهير في جامعة القاهرة. فقد حدث النقيض تماما، بل حدث أسوأ مما يتوقعه الخيال وإدارة أوباما تتردد في اتخاذ موقف عادل لأنها تنفذ بالضبط مخطط الفوضى الذي بشرت به وزيرة خارجيتها ذات يوم، وتثبت ذلك مواقفها المائعة من جهة والداعمة لاستمرار الحريق في كل المنطقة، وهاهي لا تتردد مؤخرا في دعم آلة القتل الإسرائية ثم تريدنا أن نصدق أنها راعية سلام.