في وسط رعب القتال وسفك الدماء الذي يجتاح بعض أجزاء عالمنا العربي، ظهر على الطرف الآخر شبح وباء إيبولا القاتل، الذي يفترس في هذه الأيام بعض دول أفريقيا الغربية، حيث ترتفع نسبة الوفاة بسببه إلى 90%، وخلال أربعة أيام فقط سجلت 57 حالة وفاة بسببه في غينينا وليبيريا ونيجيريا وسيراليون أي بمعدل 14 وفاة يوميا. مرض إيبولا فيروسي معد ينتقل بين البشر والحيوان، إذ يقال إنه ينتقل من الحيوانات البرية كالقرود وخفافيش الفاكهة والظباء النافقة، إلا أنه من رحمة الله أن عدوى المرض لا تنتقل عبر الهواء وإنما فقط من خلال الملامسة لحامل الفيروس، وهذا يجعل الوقاية منه أسهل من الوقاية من الأمراض التي تنتقل عبر الهواء. إلا أنه مع ذلك كثيرا ما تنتقل عدواه إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، خاصة عندما يكون هناك غياب للالتزام بالحذر الشديد واتباع شروط الوقاية بدقة كارتداء قفازات وأقنعة ونظارات للوقاية من ملامسة الفيروس لأي جزء من الجسم. وما يشغل العالم الآن هو كيف يمكن حصر المرض في مناطقه التي ظهر فيها وعدم تسربه إلى مناطق جديدة ودول أخرى. وقد ظهر الرعب في أمريكا لما قيل إن أمريكيين يعملون في تلك المنطقة الموبوءة أصيبوا بالمرض وأنهم يحتاجون العودة إلى وطنهم للعلاج. فبدأ الجدل والنقاش حول مدى الخطر الذي ستتعرض له البلاد جراء عودة أولئك المرضى، وكيف سيكون التعامل معهم، وما الاحتياطات التي يجب أن تتخذ لتفادي انتشار العدوى بالفيروس، وغير ذلك من وجوه النقاش حول ضمان سلامة البلاد من انتقال المرض إليها. فتفشي وباء مهلك كهذا ليس أمرا سهلا، لذلك فإنه يجب العمل منذ البداية على تفادي تسربه إلى البلد ضمانا للسلامة، وعلى هذا فإني لا أدري ما هي الاستعدادات الوقائية التي اتخذتها المملكة لتفادي تسرب الوباء إليها، خاصة ونحن على أبواب موسم الحج ومن المتوقع أن يفد حجاج أفريقيون قد يكونون حاملين للفيروس دون أن يظهر عليهم أثر المرض، لأن فترة حضانة الفيروس طويلة، تصل أحيانا إلى ثلاثة أسابيع، وهي مدة كافية لأن يسافر خلالها حامل المرض ويؤدي شعائر الحج قبل أن تظهر عليه أعراض المرض، ولكن بعد أن يكون تسبب في نشر العدوى بين مئات إن لم يكن آلاف من الملامسين، خاصة ونحن نعرف ما يكون في الحج من زحام واحتكاك بين الناس ومشاركة في أماكن النوم والأكل وغيرها. فهل من الممكن التفكير في الحظر المؤقت لقدوم الحجاج من البلاد التي ظهر فيها الوباء، فمن واجب المملكة أن تحمي بقية الحجاج من الإصابة، فدخول الوباء إلى المملكة في موسم الحج لا يصيب المواطنين وحدهم، وإنما هو يصيب الحجاج من كل أنحاء العالم وهذا يعني أن الحجاج بعد أن يتفرقوا ويعودوا إلى بلدانهم يكونون عاملا في نقل العدوى إليها فينتشر الوباء في العالم كله.