بمناسبة شهر رمضان وما يقام في مساجده وجوامعه من صلوات تراويح وتهجد في لياليه النورانية، حذرت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أئمة المساجد والجوامع من التكلف والاعتداء في الدعاء واستخدام العبارات والكلمات المسجوعة، والإطالة في دعاء القنوت الذي يكون في نهاية صلاة التراويح أو التهجد، مبينة أنها سوف تتابع المساجد والجوامع لمعرفة مدى التزام الأئمة بما دعت إليه أو حذرت منه، تخفيفا على المصلين والتزاما بالسنة النبوية المطهرة في هذا الشأن، ناصحة كل إمام مسجد بالاكتفاء بما ورد من جوامع الأدعية المأثورة التي دعا بها السلف الصالح من هذه الأئمة اقتداء بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم. وإنني إذ أشكر للوزارة مبادرتها السنوية التي تقوم من خلالها بنصح أئمة الجوامع والمساجد بعدم الإطالة والتكلف والسجع انطلاقا من حرصها على مصلحة المصلين والتزاما منها بواجبها نحو المساجد والجوامع المسؤولة عن أمورها وهي بعشرات الآلاف على مستوى المملكة، إلا أن مما يجب الإشارة إليه هو أن معظم أئمة الجوامع والمساجد إنما هم مقتدون بغيرهم ومتبعون لا مبتدعون، فإذا كانت المسألة مسألة اقتداء، فإن الأولى أن يكون قدوة الجميع رسول الله الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي تواترت عنه أدعية فيها العديد من جوامع الكلم والمعاني الحسان دون سجع متكلف أو اعتداء في الدعاء أو إطالة، فكان الأولى بجميع الأئمة أن يكون لهم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وقد عشنا شبابنا قبل أربعين عاما وصلينا في مساجد وجوامع الأحياء بأم القرى وفي المسجد الحرام صلوات التراويح التي كان يدعو فيها فضيلة الشيخ عبدالله الخليفي بدعاء مؤثر من جوامع الأدعية المأثورة، فلم يكن الدعاء إذا ما طال يزيد على عشر دقائق بما في ذلك ليلة ختم القرآن الكريم، وكانت المساجد والجوامع تقتدي في ذلك السلوك الحسن بأئمة المسجد الحرام، ثم رأينا المساجد والجوامع وهي تبالغ في الإطالة وفي استخدام السجع المتكلف والاعتداء في الدعاء، فلما بلغ السيل الزبي لم تجد وزارة الشؤون الإسلامية بدا من تحذير الأئمة التابعين إداريا لها ولفروعها مما لاحظته في دعائهم من مخالفات شرعية، ولكن يظل هؤلاء الأئمة بحاجة إلى قدوة حسنة حاضرة، فبمن يقتدون؟!.