لرمضان كما لاحظت بطنان: بطوننا وبطون الطاولات، أي أن هناك ما (نسفه) سفا عند الإفطار والسحور، وهناك ما يبقى على الطاولات وسفر الأكل ليرمى في براميل النفايات. وكلا البطنين لا بد من الاستعاذة منهما؛ لأنهما يدلان على نهم وسوء تدبير واسترخاص للنعمة التي من الله بها علينا. لقد تعودنا أن نأتي بما لذ وطاب على موائدنا الرمضانية دون أن نضع حسابا لما يكفينا وما يفيض عن حاجتنا، بينما هناك للعلم فقط 870 مليون جائع حسب أرقام منظمة الزراعة والأغذية الدولية. وهناك جائعون حولنا يتمنون اللقمة التي تقيم أودهم وتمنع عنهم قرصة الجوع المؤلمة، حتى أنهم قد يأكلون ما يقدم إليهم دون فحص لجودته أو سلامته. ولو أننا تأملنا فيما يهدر ويهان من طعام موائدنا الرمضانية وغير الرمضانية فسنجد أرقاما ونسبا فلكية مخيفة لاستهتارنا بالنعمة وتراخينا عن حفظها إلى الدرجة التي أصبحت فيه نفايات فوائض الطعام تكوم مثل الجبال. ووصل الحال بالبعض إلى التفاخر بكرمه الحاتمي الذي تعقبه هذه الأطنان من النفايات. شخصيا، أعتقد أن الكرم الزائد هو مثلبة وليس مفخرة، إذ أي فخر يطالك إذا كنت ستضع أكلا يكفي 50 شخصا أمام خمسة أشخاص فقط.؟! وأي صفة حميدة ستتقلدها إذا كنت، دون أن يرف لك جفن، ستلقي في بطون حاويات النفايات ما كان يمكن أن يأكله المحتاجون الذين تتقطع بهم سبل المعيشة في كل مكان من هذا العالم المضطرب والمثير للأسى على المستوى الإنساني!! إن كنا نقول بأن النعمة (زوالة) وأن الله أمرنا بالحفاظ عليها، فلنكف أيدينا عن هذا الإسراف الذي ابتلينا به في موائدنا الصغيرة والكبيرة. وليكن رمضان شهر البطون الضامرة لا شهر البطون المنتفخة التي تكنز مزيدا من الشحم واللحم. وإذا لم نستغل هذا الشهر لنتدبر فيما نفعل في أكلنا وشربنا في غيره فلا فائدة ترجى منا، غير ما بات يشيع من مبادرات ممتازة يقوم بها متطوعون يحترمون بقايا الأكل الفائض لأنهم يحترمون حاجة الفقراء والجائعين إليه.