تحتضن مكةالمكرمة عشرات المساجد الأثرية والتاريخية التي حفظت لنا سيرة سيد البشر صلى الله عليه وسلم، ولعل من أهمها مسجد الإجابة، وهو أحد أقدم المساجد في مكةالمكرمة وأعرقها ويعود تاريخه حسب الروايات التاريخية إلى زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عند قدومه يوم فتح مكة، ويقع في شعب بقرب ثنية ذاخر، قريب من حي المعابدة، على يسار الذاهب إلى منى. وهو مسجد مشهور يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه المغرب عند قدومه يوم الفتح وكان طوله حينها يبلغ ثمانية عشر ذراعا وكذلك وعرضه، وهذا المسجد في شعب آل قنفذ، وتم تعميره حديثا. ويحدد موقع المسجد اليوم شمال شرق أمانة العاصمة المقدسة بحي المعابدة، ويقابله جبل زرود الذي يشرف على البياضية ويفصل هذا الجبل بين مبنى شرطة العاصمة المقدسة ومسجد الملك عبدالعزيز المقابل لمسجد الإجابة من الجنوب، ويعرف الشعب الذي يقع المسجد عند مدخله اليوم بشعب النور بخيف بنى كنانة، أما موقعه في كتب الجغرافيا الإسلامية فهو يقع بالبطحاء، ويسمى أيضا ب «خيف بني كنانة» وهو المحصب، والخيف ما انحدر من الجبل وارتفع عن سيل الماء. وحد المحصب وخيف بني كنانه من الحجون الى منى وهو الى منى أقرب. ويذكر ابن الضياء القرشي المؤرخ المكي أن المسجد في عصره كان خرابا، وجدرانه ساقطة إلا الجدار القبلي وفيه حجر مكتوب عليه، ويشير إلى أنه هو مسجد الإجابة وأنه عمره سنة عشرين وسبعمائة. ويقول الفاسي عن المسجد في نفس العصر، ويبلغ طول هذا المسجد من الجدار الذي فيه المحراب إلى الجدار المقابل له ثمانية عشر ذراعا، وعرضه كذلك. ويقول المؤرخ المكي الصباغ صاحب كتاب «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام»، وهو من مؤرخي القرن الثالث عشر إن هذ المسجد بالمعابدة معروف ومشهور عند أهل مكة وهو الآن عمار، وقد عمر زمن السلطان عبدالمجيد خان. وقد عُمِّر مسجد الإجابة عدة مرات في العهد السعودي، آخرها كان عام 1422ه وهي عمارة حسنة،حيث زيدت مساحته وهي الآن تبلغ حوالي أربعمائة متر مربع، وكسي المسجد من الخارج بالرخام الملون وجعلت في وسطه قبة جميلة ومنارة خارج بناء المسجد ومواضئ مجهزة للمصلين.