ظاهرة التسول في منطقة جازان يصفها سكانها بأنها آفة خطرة تستوجب استئصالها لما تشكله من خطر على حياة الناس فالظاهرة تتنامى يوما بعد يوم إذ يتزايد أعداد المتسولين في معظم المحافظات، خاصة مع تباشير شهر رمضان، أغلب هؤلاء قدموا عبر الحدود وتضم النساء والرجال والأطفال ما يحتم على الجهات المختصة مواجهة الحال بالحسم والصرامة وإنشاء مكاتب للمتابعة والملاحقة والإبعاد. الزائر لمنطقة جازان هذه الأيام يلحظ كثافة عدد المتسولين، ويقول أحد المواطنين ضاحكا (متسول لكل مواطن) في إشارة إلى زيادة العدد ووراء كل متسول حكاية نسجها لكسب العطف، بعضهم يحمل أوراقا وآخرون يبتكرون عاهات مصطنعة يتم عرضها في الشوارع والطرقات، ورغم أن المتسولين ليس لهم شهر محدد يمارسونه فيه نشاطهم ألا أنه مع رمضان تتزايد العاهات والقصص والحكايات والتمثيليات. وجوه وملامح إذا دققت فيها تجد أنك صادفتها من قبل. هذا طفل في الحادية عشرة يستوقف المارة ويركض خلفهم ويعترف أنه دخل إلى البلاد متسللا مع أفراد أسرته وأقاربه وأن دخله الشهري يزيد على 5 آلاف ريال شهريا في المواسم والأعياد. متسول قال إن اسمه علي السعدي، اعترف قائلا «إنه تسلل عبر المناطق الوعرة مع مجموعة من معارفه، إذ ينقسمون إلى مجموعات كل مجموعة تتمركز في موقع معين وآخر النهار يجتمعون في مكان خفي لفرز الحصيلة وتقسيمها بالتساوي ويحصل كل واحد منهم في نهاية اليوم على 200 ريال». يواصل السعدي غاضبا من أسئلة «عكاظ الأسبوعية» (هل ستعطيني أو ابحث عن غيرك). وعلى تقاطع أحد الشوارع تقف عدد من النساء المتسللات حيث تتخذ كل منهن إشارة خاصة بها لاستعطاف العابرين وتجمع ما يمكن جمعه من نقود من شروق الشمس حتى ساعات متأخرة من الليل حيث يمنع القانون المتعارف بينهن تجاوز إحداهن على موقع زميلتها. المواطنون طالبوا الجهات المعنية بإنشاء مكتب لمكافحة التسول بعد أن اصبح أعداد المتسولين في تزايد مستمر وخارج السيطرة، حتى أصبحت تشكل ظاهرة سيئة. ويقول عمر حكمي: إن عدم وجود مكتب مكافحة التسول في المنطقة ضاعف العدد في الشوارع. فيما يلفت جبران معشي إلى أن المواطن يعد المسؤول الأول قبل الجهات الحكومية إذ أنه لو لم يتفاعل مع مثل هذه المظاهر من التسول لما رأيت متسولا واحدا في الشوارع. وانتقد عدد من المواطنين قيام بعض المتسولين بإلقاء الخطب في المساجد عقب انتهاء أداء الصلاة حيث يقف أحدهم حاملا طفلا في يده ومعه اسطوانة أكسجين ليبين أن الطفل الذي يحمله يعاني من مرض خطير وبحاجة إلى إجراء عملية باهظة الثمن، فيروي قصصا مآساوية لينال استعطاف المصلين. وطالب المواطنون بوضع حد لهذه الظاهرة كون أكثر المتسولين من مجهولي الهوية ويمثلون جنسيات مختلفة. أحد المواطنين سرد معاناته اليومية مع المتسولين وقال: «اعتدنا كل يوم وبعد كل صلاة على مناظر مؤذية، ومشاهد مؤلمة، يقوم بتمثيلها فئة من الشباب المدربين على إتقان صناعة النصب والاحتيال في أكل أموال الناس بالباطل، ولهم في ذلك أحوال وأشكال، فمنهم من يقوم بتجبيس يده أو رجله أو أي جزء من جسده، ومنهم من يتصنع البلاهة والجنون» . إلى ذلك كشفت إحصائيات التسلل عبر الحدود الجنوبية، أن أعداد المتسللين تصل إلى 3 آلاف يوميا، يمارس 50 في المائة منهم التسول بمجرد وصولهم إلى قرى المنطقة، بينما يصل عدد المقبوض عليهم في المنفذ الحدودي ما يقارب 80 ألف شهريا.