قاد الصبر والجلد والتمسك بالحياة، الأم حُسن سيف شايع القحطاني لخطف جائزة «بركة أمي» التي أطلقتها مجموعة «دلة البركة» والبالغة مليون ريال التي أعلن عنها البارحة، فالأرملة التي تعاني من السرطان تمكنت من إعالة صغارها الستة في صحراء تثليث جنوب المملكة، من خلال رعي الأغنام، فكانت الفيء لهم في القيظ، والدفء في عز الزمهرير، أطعمتهم حلالا حتى كبروا دون مساعدة من أحد، متغلبة على مرضها، لتشمل بحنانها ابنها المعاق. بينما جسدت السيدة أسرار شوقي عبدالله نموذجا للكفاح والتضحية، إذ دفعتها الظروف لتعيش مع أطفالها السبعة في غرفة صغيرة تعولهم من خلال بيع الطعام والحلوى، فواصلوا دراساتهم متغلبين على العوز وضيق المكان، حتى تبوأوا مراكز مرموقة، وهو ما ساعد أسرار التي تعيش في جدة على الفوز بالجائزة الثانية البالغة (300) ألف ريال. أما السيدة إيمان صايل الثبيتي العتيبي فخطفت الإعجاب بتغلبها على مرض الفشل الكلوي الذي أصابها وهي في السادسة عشرة من عمرها، فاستعانت بالتفاؤل والإقبال على الحياة وعدم اليأس، وتمكنت من تربية ابنائها الثلاثة على الرغم من إصابتهم بالمرض ذاته، فقسمت حياتها التي تعيشها في الرياض بين مجابهة ألمها ورعاية صغارها المرضى، ورشحها حسن صنيعها للفوز بالجائزة الثالثة في المسابقة والبالغة (200) ألف ريال. ثلاث قصص مؤثرة حظيت بالجوائزة متفوقة على 7 آلاف قصة تقدمت للمشاركة في المسابقة، معتمدة على تضحيات بلا حدود قدمتها الأمهات لأبنائهن، وعقب الإعلان عن أسماء الفائزات اتصل أعضاء لجنة التحكيم المكونة الناشطة الاجتماعية منى أبو سليمان والإعلامي تركي الدخيل، والشيخ علي المالكي بالفائزات وقدموا لهن التهنئة بالفوز. وتوج الفائزات البارحة في حفل نظم في مقر مجموعة دلة البركة قدمه الإعلامي وليد الفراج، الذي اعتبر المسابقة تقديرا للامهات، مشيرا إلى أن القصص مرت بأربع مراحل، التسجيل، الفرز والاختيار، لجنة التقصي والتحقق، والقبول والرفض، مشيرا إلى أن المسابقة استنفدت 77 يوما من انطلاق فكرة المسابقة وحتى التتويج. وأشاد الفراج بدور لجنة التدقيق، مشيرا إلى أن المعايير الدقيقة ساعدت على الفرز وتحديد القصص الفائزة. إلى ذلك، اعتبر نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة دله البركة ياسر يماني تتويج صاحبات القصص الثلاث، هو فوز لكل المشتركين، وكل أم تستحق الكثير، معلنا استمرار المسابقة لتقام سنويا، خصوصا أنها تحمل أهدافا سامية وتسهم في إيجاد حوار مجتمعي مع جميع الشرائح، وتحض على بر الوالدين. ووصفت الناشطة الاجتماعية منى أبو سليمان القصص الثلاثين التي وصلت للجنة التحكيم بعد فرزها من 7 آلاف قصة ب«المؤثرة» مشيرة إلى أن كل أم تضحي بكل شيء يقف أمام تعليم أو تربية الأبناء، فهي تفضل أن ترى أبناءها أفضل منها، ولا تريد أن يعانوا كما عانت. في حين أكد الإعلامي تركي الدخيل أن مثل هذه المبادرات تسهم في لفت نظر الجميع لشيء مهم قد يكون غائبا عنا، مضيفا «ومن هنا نقول لا تنس أمك بدعوة وكلمة حسنة»، ولم يتمكن الدخيل من حبس دموعه حين أعلن النتيجة، فأجهش بالبكاء حزنا على والدته رحمها الله التي ذكر مآثرها في لحظة إنسانية، مشددا على أهمية البر بالأم التي اعتبرها الاكثر تضحية. بدوره، كشف ل«عكاظ» الشيخ الدكتور علي المالكي وصول عدد المشاركات في المسابقة إلى أكثر من 7 آلاف مشاركة، مبينا أنه وصلتهم مشاركات من خارج المملكة وتحديدا من مصر والسودان وليبيا والجزائر، ولكن المبادرة كانت محدودة من داخل المملكة. وشدد المالكي على أهمية بر الوالدين وأثنى على كل من كتب عن تضحيات أمه وذكر ماضيها الجميل معه ومع أخوته، مؤكدا أن الأم الركيزة الأساسية في كل بيت فهي المعلم والمربي والأب في بعض الأحيان. وفي السياق ذاته، رأت عضو لجنة الفرز سارة بغدادي أن المبادرة من القيم الاجتماعية التي ينبغي الحرص على تعزيزها في ظل نماذج عديدة من أمهات في مواقع مختلفة قدمو الكثير من التضحيات، لافتة إلى أن المبادرة اطلعتهم على قصص واقعية قدمها الأبناء عرفانا بأمهاتهم ونأمل ان تكون المبادرة نواة لمبادرات مماثلة تكرس القيم الإنسانية. ومن جهتها، تقول المستشارة في التنمية والتطوير البشري غادة تركستاني ان المبادرة اخرجت العديد من نماذج وجد ابناؤهم الفرصة لتجسيد رحلة كفاحهم، متطلعة لأن تكون المبادرة نافذة لآفاق تكتب عن نماذج امهات يسكن الأربطة الخيرية.