سبقني أستاذنا الدكتور هاشم عبده هاشم بالكتابة عن هدية غالية من هدايا خادم الحرمين الشريفين لشعبه الوفي في مقاله المنشور في 18 رجب 1435ه الماضي.. وهي هدية تعكس الأبعاد الإنسانية لفكر خادم الحرمين الشريفين. «مشروع الغسيل الكلوي» الذي تتبناه مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للأعمال الإنسانية.. ويتضمن إنشاء سلسلة من مراكز الغسيل الكلوي في مختلف مناطق المملكة.. كانت البداية من الرياض حيث أنشىء مركزان.. ثم افتتح مؤخرا أكبر مركز للغسيل الكلوي في مدينة جدة على طريق الملك.. يحتوي على أحدث الأنظمة الصحية والتجهيزات والمختبرات الطبية مدعما بكوادر طبية عالية الكفاءة ومصمما بأعلى المواصفات العالمية.. ومزودا أيضا بأسطول سيارات مجهزة تجهيزا خاصا روعي فيه احتياجات حالة مرضى الكلى.. وذلك لنقل المرضى من وإلى المركز عند الحاجة. هذا المشروع الإنساني الذي ينفذ على نفقة الملك الخاصة هو شاهد جديد على تفاعل خادم الحرمين الشريفين مع الاحتياجات الصحية والإنسانية لمواطنيه.. وهو التفاعل الذي أسس للتلاحم الراسخ بين القائد الحريص وشعبه الوفي.. والتي قلما نجدها في الدول الأخرى. ولعل اللافت والمثير للإعجاب الآلية العملية لتنفيذ المشروع والإعلان عنه.. حيث لم يتم الإعلان عن المشروع.. إلا بعد أن استكمل وبدأ فعليا وعمليا في تقديم خدماته للمرضى. وهذه الآلية التي نأمل انتهاجها في جميع مشاريعنا التنموية. إن مرض «الفشل الكلوي» يعد أكثر الأمراض ألما وصعوبة على المصاب به أجارنا الله جميعا منه وشفى المصابين به فالمريض يكاد يموت ويحيا وهو على جهاز الغسيل الكلوي الذي تتم فيه عملية سحب وتنقية الدم الذي يجري في عروقه. وتشير الإحصائيات الرسمية التي أعلنها مديرعام المركز الوطني للكلى الدكتور المتميز فيصل شاهين.. إلى تزايد ملموس في أعداد المصابين بهذا المرض العضال حيث يصل معدل انتشار مرض الفشل الكلوي إلى (499 ) حالة لكل مليون.. في وقت تشهد فيه مدينة جدة نقصا حادا في إمكانيات الغسيل الكلوي المتاحة في المستشفيات الحكومية. الأمر الذي أدى إلى حدوث خلل في التوازن بين الارتفاع والاحتياج المتسارع في الطلب على خدمات الغسيل الكلوي.. وبين العرض المتاح في مستشفياتنا.. ما تسبب في الكثير من المعاناة لمرضى الفشل الكلوي. مركز الكلى في مستشفى الملك فهد بجدة يعمل على مدار الساعة.. فما أن يقوم مريض من جهاز إلا ويأتي مريض جديد كان ينتظر.. ومع هذا فإن المركز لم يستطع تلبية الاحتياج المتزايد والمتسارع. لا سيما أن تكلفة جلسات الغسيل الكلوي في المستشفيات الخاصة مرتفعة بشكل معياري.. حيث تتراوح الجلسة الواحدة بين 3000 5000 آلاف ريال .. والمريض يحتاج في المتوسط إلى نحو ثلاث جلسات أسبوعيا !!. ولهذا فان ظهور مركز الملك عبدالله للغسيل الكلوي في المشهد الصحي.. بهذا الحجم وبهذا المستوى المتميز سوف يسهم بمشيئة الله تعالى في التخفيف من حدة أزمة نقص مراكز علاج مرضى الفشل الكلوي وما ترتب على هذا النقص من معاناة كبيرة للمرضى. إن ما نأمله هو أن يكون المركز شموليا لجميع المرضى المصابين بالفشل الكلوي دون استثناء.. ودونما حاجة إلى أوامر علاجية.. فالمصابون بالمرض في حالة عصيبة تستوجب توحيد النظرة لهم وتوفير فرص وإمكانيات العلاج لهم والتخفيف من معاناتهم بصرف النظر عن أي اعتبار آخر. بما في ذلك المصابون بالمرض العضال من غير السعوديين «المحتاجين» فقط، فنحن في مملكة الإنسانية، وفي ظل قيادة ملك الإنسانية.. إن ما نأمله من هذا المشروع الإنساني الكبير الذي يلبي احتياجا ملحا أن يحرصوا على تحقيق حلم ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في «أن لا يكون هناك مريض كلى لا يجد خدمة طبية كافية ووفيرة وعلى أعلى المستويات». ولا نملك ختاما إلا أن ندعو المولى عز وجل أن يحفظ لنا قائدنا العظيم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. ويجزل له الأجر والثواب على هذا العمل الإنساني الكبير ويجعله في ميزان حسناته. والشكر موصول لرئيس مجلس إدارة مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد بن عبدالله. وفي هذا العمل الإنساني أجر عظيم.. جعل الله دعاء المصابين بهذا المرض العصيب من نصيب كل من عمل على إقامته.