ملتقيات وصناعة أمسيات كبار نجوم الفن السعودي وعرابوه في غير محافل العمل، أصبحت نادرة وقليلا ما يجمعهم الشأن الاجتماعي، أي أن الأمر لم يعد كما هي العادة منذ أربعين عاما مثلا على الأقل قبل تأسيس جمعية الثقافة والفنون وعند بدء انطلاقها. وأمس الأول كان مساء عودة الملتقيات الجميلة لكبار أهل الفن في أول محطة انطلاق حيث أكد الجميع أنها ستستمر في زيارات قادمة أيضا تبدأ قريبا بزيارة صديقهم الموسيقار سراج عمر الذي لم يغادر حي الرويس منذ بداية السبعينيات الميلادية. كان اللقاء أمس الأول في منزل الموسيقار الكبير غازي علي حيث بدأت القصة الأسبوع الماضي في حفل للأسرة الفنية حضره عبادي الجوهر قادما للتو من دبي «من المطار» إلى مقر الحفل والموسيقار الدكتور عبدالرب إدريس والموسيقار طلال باغر وفنانون شباب هم نجم ستار أكاديمي عبدالله عبدالعزيز والمطرب الشاب الوليد سعد ورامي الشهري وأنس حمبظاظة والفنان سعدي الغامدي والكثير من كبار الموسيقيين يتقدمهم مدني عبادي. في هذه الأمسية اقترح طلال باغر عودة الوجه الاجتماعي الجميل لنجوم الحياة الفنية في مجتمعنا والتي كانت تشهدها حياة نجوم الأمس أيام العميد طارق عبدالحكيم وعبدالله محمد وفوزي محسون وطلال مداح ومحمود خان ومحمود حلواني (رحمهم الله) جميعا وغازي علي وسراج عمر وسامي إحسان (رحمه الله) والذي كان آخر المبقين على هذه العادة على الأقل رمضانيا، كذلك جميل محمود الذي لا يزال باب أحديته الاجتماعية والفنية مشرعا كل أحد ليلتقي كبار أهل الفن فيها وعلى رأسهم أستاذنا جميعا الشاعر إبراهيم خفاجي اجتماعيا وفنيا. وعندما طرح طلال باغر فكرة عودة الالتقاء اجتماعيا مجددا بين الكبار بوجه اجتماعي خالص دون أن يكون للعمل والاشتغال بالفن علاقة بالموضوع، وأن يكون بيت الموسيقار غازي علي أول وجهة تجمع كبار أهل الفن، على الفور وافق الجميع الدكتور عبدالرب وعبادي الجوهر ومدني عبادي وقام طلال باغر بالاتصال بفنان العرب محمد عبده الذي كان في العاصمة الجورجية تبليسي الذي قال بعدها أنا أولكم يالله! تبقى لي يومان وأكون في جدة، وهكذا إلى أن كانت البارحة الأولى حيث كان منزل غازي علي وجهة الجميع بحضور ومشاركة «عكاظ» فقط من بين كل وسائل الإعلام. كان اللقاء الذي بدأ في الثامنة مساء في كهف الفن والموسيقى في منزل غازي علي حيث يعلم الموسيقى للموهوبين أكاديميا، حضر النجم عبادي الجوهر والموسيقار الدكتور عبدالرب إدريس وعازف القانون الأشهر مدني عبادي، وفجأة أطل وحضر محمد عبده القادم من تبليسي بعد رحلة عمل واستجمام بين دبي والدوحة وجورجيا، وكان اللقاء كله بتنسيق من طلال باغر الذي تابع والزميل حسن سراج كل خطوات اللقاء كأول أمسية لعودة الحياة الاجتماعية لحياة نجومنا والتي ستستمر إن شاء الله كما أسلفنا، وبعد اكتمال عقد اللقاء باستقبال الجميع لمحمد عبده القادم توا من المطار أيضا ليبدأ الحديث عن الحال الصحية لغازي علي والتي شهدت تحسنا كثيرا والحمد لله والذي رحب بضيوفه شاكرا إياهم على زيارته في بيته الجديد في شارع حراء شمال غرب جدة بعد انتقاله من بيته القديم في شارع التحلية كأول زيارة ولقاء لزملائه النجوم في بيته الجديد، الكثير من الأحاديث الودية وحكاوى الأمسين القريب والبعيد كانت تجول بين المجموعة وعن الأمسية قال محمد عبده ل «عكاظ»: «أعتبر نفسي أكثر السعداء الليلة وأنا ألتقي بأحبتي وأصدقائي في هكذا لقاء، فالذكريات تدور في رأسي كثيرا الآن منذ بداياتنا وبداية تعاملنا مع النجومية، فغازي علي ولد فنانا جميلا منذ أطل على الحياة الفنية قادما من المدينةالمنورة ومتجها إلى القاهرة للدراسة الموسيقية ثم متنقلا بينها وبيروت دراسة وعملا. ودعني أقول لك إلى أي مدى هام هي مثل تلك الملتقيات والأمسيات، ومهما حاولنا أن يكون فيها الفن بعيدا عنا لنحكي ونعيش أجواء اجتماعية إلا أنه من الصعب ألا يمر الفن عفوا أو عنية فنحن أبناء الحياة الفنية مسكونون بهذا الحب للموسيقى والفن وحياة الإبداع، على العموم نحن سعداء جدا ببادرة أخي وزميلي طلال باغر الهادفة إلى إحياء هذه العادة والالتقاء مجددا دون أن يكون الخط الرئيسي للقاء هو الفن، فالفن الجميل ينبع من حياة وأنس جميلة ومحبة». وتحدث النجم عبادي الجوهر قائلا: «عشت في الأمس هذه الحياة الاجتماعية وتحديدا في نهاية الستينيات الميلادية والسبعينيات مع أساتذتي طلال مداح ولطفي زيني وفوزي محسون، حيث كان نتاج تلك اللقاءات الاجتماعية فنا جميلا بطبيعة الحال أغنيات أكثر روعة، وأحيانا يحدث العكس حيث تكون الأمسية أصلا للعمل وبقصد الإنجاز إلا أنها تستحيل أمسية وليلة اجتماعية أكثر جمالا وهكذا». بين محمد عبده وعبادي المتجاوران في الجلسة العربي دارت الكثير من الأحايث الودية وذكريات تداخل فيها غازي علي حول أولى ذكريات تسجيل الثلاثة أعمالهم في بيروت في نهاية الستينيات في استوديو شلهوب وغيره مع الموسيقار الراحل عبود عبدالعال وفرقته. كما هنأ عبادي محمد عبده على لحنه الجميل للمطربة الشابة كارمن «أخباري» من كلمات عبداللطيف آل الشيخ وأثنى على تيمة اللحن الرئيسية والتي قال عنها إنها مخضبة بالجمال. ويقول الموسيقار الدكتور عبدالرب إدريس: «ليس أجمل من هذه اللقاءات بيننا والتي لا تعبر إلا عن الصدق في المشاعر بين المبدعين المتعاملين مع الفن وتحديدا الموسيقى والغناء ومثل هذه اللقاءات تعبر بلا شك عن الجمال المستوطن دواخل الفنانين ومثل هذه الملتقيات تعودت عليها كثيرا منذ فترة دراستي في القاهرة منذ العام 1967 ومن ثم في الكويت عندما أقمت طويلا ودرست الموسيقى في المعهد هناك للطلبة المحبين للموسيقى والفن أكاديميا». ومن حوارات الأمسية مصادفة وجدنا أن العام 1967 في القاهرة فنيا لم يكن عام نكسة لفنانينا هناك كما الحال يومها على العموم حيث تخرج فيه غازي علي وبدأ فيه في نفس العام الدكتور عبدالرب دراسته هناك. وقال الفنان الموسيقي مدني عبادي عازف آلة القانون سيدة آلات التخت الشرقي: «أمسية فنية اجتماعية جميلة تليق بالكبار الذين أعادوا وجددوا حضورها وصناعتها، أنا سعيد بمثل هذه الأمسية التي أرجو من أخي طلال باغر إعادتها والاستمرار بالفعل في إيقاد شمعتها، كما قال في منزل سراج عمر، وفي أحدية جميل محمود وفي الطائف الذي شهد بدايات نجاحات الفن الغنائي لدينا وشهد بدايات طلال مداح وعبدالله محمد وطارق عبدالحكيم ولإعادة ذكرى فناني الطائف هناك محمد طلعت وعبدالله مرشدي ويوسف رجب ويوسف محمد وطلال طائفي وخالد إسماعيل وزميلنا محمد بصفر الذي أرى أن تكون الزيارة له كناية عن الكل». وقال طلال باغر الذي يعود إليه السبب في إحياء اللقاءات الاجتماعية بين الفنانين: «كبيرنا اليوم في الحياة الفنية هو محمد عبده الذي أشكره لمشاركته في الخطوة الأولى من هذا المشروع الاجتماعي الجميل، ومجيئه من المطار ليكون معنا أمر يدعو للقول إنه من سيكتب المواصلة لإنجاح هكذا خطوات باستمراره معنا، وأنه من سيكون كبيرنا بصورة دائمة ليلعب أهم الأدوار الاجتماعية في حياتنا كفنانين».