بما أن الفن هو إنتاج وتواصل بين المرسل والمستقبل بتعبير جدلي تفاعلي وقراءة ما بدواخل النفس البشرية من تفاعلات وأحاسيس، نجح الثلاثي التشكيلي سامية المهدلي، أفراح همداني، ولاء باشطح في صالة المركز السعودي للفنون البصرية في جدة في معرضهم المشترك الذي أطلق مؤخرا في إثبات ذلك التعريف للفن بلوحات تجريدية وأخرى تأثيرية تارة وأقرب إلى الواقعية تارة أخرى، مزيج في الفكر والطرح والتأثير يجعل المتلقي ينتقل بين أجمل الفنون تأثيرا في النفس البشرية بحكم علاقتها الجدلية بالزمان والمكان بدءا من أعمال الفنانة ولاء باشطح التي أغدقت الفكر بتجريد لوني متناولة من نسج خيالها قصصا وروايات لا يفهمها الكثيرون، إنها بساطة لون ومساحة فرشاة وتناسق عنصري وجمالي أضفى على أعمالها نوعا من الإتقان الذي يحسب للفنانة بشكل مختلف، تتبعها بعد ذلك أعمال الفنانة أفراح همداني التي استطاعت أن تخرج بلوحات ذات طابعين، الطابع الأول للمتلقي البسيط هو الأسلوب الواقعي المباشر بعيدا عن التفاصيل المعقدة للواقع والانطباع الثاني لمتذوقي الفنون الجميلة هو أسلوبها الترميزي والتأثيري في طرح أعمالها بقوة لونية وتكوين عنصري دقيق، وفي الجزء الأخير من المعرض ظهرت أعمال الفنانة سامية المهدي بمرحلة وانتقال كلي في الطرح عن أعمالها السابقة، فجسدت الخيل العربي الأصيل وشموخه وعناصر جماله بدءا من تفاصيله الدقيقة إلى التأثيرات اللونية المحيطة به التي تدخلك في عالم متغير من الجدلية البصرية لتستقر في النهاية على لوحات أكثر جمالا وأناقة وأقرب ثقافة وفكرا الى المتلقي، حيث الهدوء في اللون والرومانسية في الطرح، ثلاثي حقق معادلة فنية تشكيلية راقية تحسب للمركز السعودي للفنون البصرية الذي أسهم منذ تأسيسه في تشكيل المشهد الفني السعودي كون العديد من الفنانين والفنانات كان لهم شرف المرور بالمركز كمتدربين أو مدربين كونه أول مركز تدريب معتمد من قبل وزارة الثقافة والإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب إبان تبعية الفنون التشكيلية لها، وحتى نكون أكثر إنصافا فإن المعرض يعد على مستوى ما قدم هذا العام بين المعارض في محافظة جدة في المتوسط إن ارتضينا التصنيف.