ما سأورده هنا يفوق الخيال ولكنه للأسف الشديد حقيقي وموثق على الرابط التالي (http://t.co/Cgm4Wc5E27) وهو موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بتاريخ 22 أكتوبر 2013، وبإمكان أي قارئ أن يتحقق منه. وقد وردت المعلومات ضمن برنامج أخبار الليلة (Newsnight) الذي يقدمه (جيم ريد) و (مايك ديري سميث). والحقيقة أن من وجه انتباهي لهذا الموضوع تغريدة أرسلها مشكورا الدكتور موافق الرويلي مؤسس (هاشتاق #هلكوني) المتخصص بمطاردة وكشف حملة الشهادات العليا الوهمية والمزورة. والقضية كما أوردها مقدما البرنامج هي اكتشافهم أن جامعة مسجلة في أمريكا واسمها الرسمي (The American University of London) وتعرف اختصارا بالأحرف الأولى (AUOL) أسسها شخص يدعى (ميشيل نمر) تتخذ من قرية بريطانية مقرا لها ولمؤسسها وتدعي أنها معتمدة من ثلاث هيئات اعتماد أكاديمي أمريكية وأنها تطبق أقصى معايير الجودة في برامجها الأكاديمية، هي في الحقيقة مؤسسة وهمية تدار من منزل ريفي وحساب بنكي لتحويل الأموال اللازمة لشراء الشهادات. ولكشفها قام فريق البرنامج بإعداد وإرسال سيرة ذاتية من صفحة واحدة مع رسوم التقديم البالغة 50 جنيها لشخص يدعى (بيتر سميث الشهير ببيتي) والذي يعيش جنوبلندن مع إرفاق شهادة بكالوريوس مزيفة من جامعة بريطانية معتمدة مع خبرات عملية في مجال الاستشارات الإدارية وهو واحد من التخصصات المعلنة في الجامعة ومنها (تكنولوجيا المعلومات، القانون، التعليم، الفنون الجميلة، والعلوم الإنسانية). ولم يكن بيتر هذا سوى كلب أعزكم الله يعيش في دار لرعاية الكلاب المشردة جنوبيلندن. ولقد كان من متطلبات الجامعة أيضا صورة فوتوغرافية لمقدم الطلب وصور توثيقية للخبرات المدرجة في السيرة الذاتية ولكن مقدمي البرنامج لم يرفقا أيا منها لأن مقدم الطلب كلب. ورغم ذلك فوجئ من أرسلا الطلب بالجامعة ترد بعد أربعة أيام فقط بالموافقة على منح (بيتي) درجة الماجستير بناء على خبراته بمجرد ارسال رسوم الدراسة وقدرها 4500 جنيه فقط لا غير. وعند اتصال مراسل من البرنامج بالجامعة للتحقق من أن (بيتي) لا يحتاج للانخراط في أي برنامج دراسي جاءه الرد من ممثل الجامعة واضحا كل الوضوح بأن مجلس تقييم الخبرات والمعارف السابقة APEL في الجامعة قرر منح (بيتي) درجة الماجستير الدراسي وليس التنفيذي كاملة لا نقص فيها بناء على خبراته ومعارفه السابقة من دون تكليفه بأية أعباء دراسية إضافية وكل المطلوب حاليا هو إرسال المبلغ فقط لا غير .. وعلى الفور قام فريق البرنامج بتقصي بعض الجوانب الأخرى فاتصلوا بعدد من البروفسورات المحترمين الذين وردت أسماؤهم في قائمة أساتذة الجامعة فأفادوا بأنهم لم يسمعوا قط بهذه الجامعة ولم يسمحوا باستخدام أسمائهم على موقعها وقرر بعضهم إقامة قضايا عليها، وبالتحقق من هيئات الاعتماد الأكاديمي الأمريكية التي تشير لها الجامعة تبين أنها هي ذاتها هيئات غير معترف بها في أمريكا ومحظورة في بعض الولايات من ضمنها تكساس المسجلة فيها، ولا يوجد لها مقر في أي ولاية أمريكية ليكون لها فرع في المملكة المتحدة. وبمزيد من التقصي تبين أن عدد خريجي الجامعة تجاوز 100000، نعم مئة الف خريج وليست خطأ رقميا، ولكن الملفت أن قليلا منهم كانوا من الناطقين بالإنجليزية كلغة أولى وأن غالبيتهم الساحقة في دول غير غربية. وعلى كل حال بعد تفجر قضية هذه الجامعة على أعلى المستويات الأكاديمية تدرس الآن اقتراحات بأن يصدر اعتماد الجامعات البريطانية والأجنبية التي تعمل على الأراضي البريطانية من (البرلمان) البريطاني أعلى سلطة تشريعية في البلاد. ويؤسفني عدم القدرة على حصر عدد من حصلوا على شهادات عليا في بلادنا من هذه الجامعة التي تبيع الوهم والتزوير ولكن آمل منهم أولا أن يعودوا لضمائرهم ويتخلصوا منها كما فعل رجل شريف أحرق شهادته على الملأ في المسجد وآخر في إحدى جامعات الرياض حذفها من قائمة مؤهلاته. كما آمل من الجامعات والمعاهد التي تعينهم على وظائف إدارية ثم تكلفهم بالتدريس من الباطن من غير أن تظهر أسماءهم في قوائم أعضاء هيئة التدريس، أن تكف عن ذلك لأنه يدخل في باب الغش والخداع لوزارة التعليم العالي والهيئة الوطنية للتقييم الأكاديمي. أما وزارة التعليم العالي ووزارة الخدمة المدنية الذين يكتفون بالتحذير دون الإقدام على اتخاذ إجراءات واضحة فلن أطلب منهم شيئا فقد مللت.. ومللنا جميعا ورب الكعبة ..