هل ما يحدث في ليبيا الآن هو ضربة استباقية للقضاء على مخططات الإخوان المسلمين؟. نذكر ما الذي صرح به بعض قادة الإخوان في (رابعة) حين أعلنوا أن الأرض ستحرق تحت أقدام المصريين في كل موقع من البلاد إن لم يعد مرسى لسدة الحكم، وكلما مضى الوقت في تثبيت نزع الشرعية عن الإخوان كونهم أخلوا ببنود التعاقد، أي كلما مضى الوقت في تنفيذ خارطة الطريق لثورة 30 يوليو فاضت تصريحات بعض القيادات الإخوانية الهاربة بالتهديد والوعيد، وكان أهم تهديد طفا على السطح تكوين الجيش المصري الحر (على غرار التجربة السورية)، ومع الأيام ظهرت بوادر ذلك التهديد من خلال مليشيات إسلامية أخذت تتحرك على الحد الفاصل ما بين مصر وليبيا، وقبل ذلك الظهور سبقت تهديدات أيمن الظواهري وشقيقة محمد في ملء ليبيا بأفراد من القاعدة، وهي السياسة التي يتبعها التنظيم في استغلال أي دولة يحدث بها اختلال أمني، فتسارع القاعدة بتواجد أفرادها بحثا عن أرض تكون مرتكزهم في التحرك لتنفيذ أهدافهم المعلنة وغير المعلنة.. وقبل تهديد القاعدة كانت أمنية الإخوان التحرك للاستيلاء (أو إسقاط) أي نظام من الأنظمة الغنية للاستفادة من ثروات تلك البلاد والشروع في تمدد المخطط الإخواني، وكانت الإشارات في هذا الجانب تتجه إلى الإمارات أو ليبيا، وفي الآونة الأخيرة أظهر أحد قيادات الجيش المصري قولا تناقلته الفضائيات المصرية بأن مرسي كان يفكر بالاستيلاء على ليبيا من خلال الاتفاق مع فرع الإخوان المسلمين فيها (وليس شرطا أن يكون الاستيلاء شن هجوم وحرب، كما فعل صدام حسين في الكويت، وإنما من خلال وصول الإخوان الليبيين إلى سدة الحكم وفتح أموال الدولة الليبية للمشروع الإخواني).. كان هذا الرذاذ من الأخبار يصل إلى المسامع ويخلف حذرا إقليميا، ومع تمكن الإخوان من الوصول للحكم في ليبيا ظهرت مخاوف أن يتم اختطاف الدولة كما حدث في مصر، فبرزت شخصية كاللواء خليفة حفتر (لواء متقاعد) رافعا شعار محاربة مختطفي الثورة الليبية ومهددي الدول التي لم تساندها في الرجوع لسدة الحكم (وفي هذه النقطة تكثر الإشارات إلى دول عربية وأوربية كفرنسا مثلا التي تخشى من تكاثر الجماعات الإسلامية للقرب الجغرافي منها وإغرائها بالتدخل ليصبح تدخلها المبكر أكثر صيانة لسمعتها بعكس ما حدث في الجزائر في منتصف الثمانينات، ودفع فرنسا للتدخل).. وكل المعطيات على أرض الواقع تشير إلى إدامة أزمة ليبيا في ظل الرغبة بفتح ملعب دولي جديد يتم فيه استقطاب كل الحركات الإسلامية الحركية (وفي مقدمتها الإخوان) وستكون أولى مهمات هذه الحركات زعزعة الاستقرار في مصر لإحياء وإنعاش التنظيم الدولي في بقية العالم العربي (بعد تلقيه ضربات موجعة خاصة ما حدث للتنظيم داخل السعودية)، ثم إيجاد أرض لمحاربي القاعدة وفروعها لإطالة أمد استخدامهم كورقة ضغط على أنظمة عربية، وكذلك تمكين القوى الغربية من تجهيز سيناريوهات لما بعد الإخوان وما بعد صعود السيسي للرئاسة مصر (فالإشارات واضحة بأنه سوف يكسب السباق الانتخابي)، ويغدو من مصلحة الدول الغربية وجود تكتل إخواني في ليبيا كنوع من التحرز لما قد يفعله السيسي، خصوصا لو نهج نهج جمال عبدالناصر في خلق سياسة مصرية مستقلة وليست خاضعة للضغط الغربي.. وتجميع الحركات الإسلامية في نقاط متقاربة (سورية واليمن والسودان وأخيرا ليبيا) هو الاستشعار الغربي بأن الأنظمة العربية أظهرت رغبة في الاستناد على الجدار الروسي بعد تضحية الأمريكان بحلفائهم في المنطقة.. وأن يتوحد العرب والغرب في نقطة لا يعني تطابق المخططات، وإنما لكون اللعبة السياسية قد تجمع المختلفين في نقطة حتى إذا لُعبت اللعبة أعاد كل فريق من أجل إنجاز مهامه الأساسية.. فهل يمكن اعتبار ما يحدث في ليبيا ضربة عربية استباقية لنزع فتيل (وجع الرأس).