بين الوقت والآخر تنشر الصحف تقارير صادرة من بعض الجهات الرقابية حول تأخر تنفيذ بعض المشاريع وتعثر بعضها الآخر ، وتجتهد الجهات الرقابية في تبيان أسباب التأخر والتعثر والتي تعود كما تقول تلك التقارير في الغالب إلى الأجهزة الحكومية وموظفيها .. وفي تقرير أخير لهيئة الرقابة والتحقيق نشر بداية هذا الأسبوع، حددت الهيئة سبع وزارات وثلاث مؤسسات حكومية تأخرت في تنفيذ مشروعاتها التي تم تمويلها من فائض الميزانية. واحتوى التقرير على ثماني نقاط هامة رأت الهيئة أنها سبب في هذه المعضلة التي تعاني منها التنمية في بلادنا ، وبالطبع فإن معالجة الأسباب والتصدي لها كفيل بالقضاء على ظاهرة تأخر وتعثر تنفيذ المشاريع والتي رصدت لها مليارات الريالات كيما ترى النور كشواهد تنموية لعهد التحولات الحضارية الذي نعيشه. وباستعراض الأسباب الثمانية للتأخر والتعثر ، سنجد أن ثلاثة منها تعود للمقاولين وضعف إمكاناتهم وعدم معرفة الجهات الحكومية بكفاءاتهم وتاريخهم في التعامل مع المشاريع التي قاموا أو يقومون بتنفيذها، وهي مشكلة أزلية ودائمة لم تحل رغم المعاناة الدائمة منها ، وهو مالم تنجح وزارة التجارة والغرف التجارية في حلها حتى الآن .. غير أن السبب الأهم والأبرز كما أراه ما ذكره تقرير هيئة الرقابة والتحقيق وهو (ضعف القدرة الفنية والمالية والإدارية لدى عدد من الأجهزة الحكومية ) وهذا سبب خطير لا يجب أن يمر مرور الكرام دون تقصٍ وبحث ودراسة ، خصوصا أن أجهزتنا الحكومية التي أحصاها التقرير ليست حديثة التكوين أو الخبرة ، بل إن بعضها يعتبر من الأجهزة النموذجية في التعامل مع المشاريع وتنفيذها ومن الصعب أن نتهمها بضعف القدرة الفنية والمالية والإدارية دون أن ننظر إلى أسباب أخرى لم تحل حتى الآن ومنها نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وهو النظام الذي بحت أصوات المسؤولين في القطاعين الخاص والعام وهم يناقشونه ويقترحون تغييره وتطويره ليتناسب وحجم الإنفاق الكبير على المشاريع التنموية ، ويضاف إلى ذلك التعامل المالي مع وزارة المالية وممثليها في الأجهزة الحكومية وما يعتري ذلك التعامل من تأخير وروتين قاس رمت به هيئة الرقابة والتحقيق «الموظفين» حيث نظرت فيه إلى جانب واحد ولم تنظر فيه إلى الجانب الآخر النظام ووزارة المالية حين أوردت أن أحد أسباب التأخر والتعثر هو (طول إجراءات الترسية والتعميد، وتوقيع العقود ويعود ذلك لقلة خبرة الموظفين). لم نعد وطنا «ناميا» بإنجازاتنا وإنساننا وعلمنا ومبادراتنا ، لكنه من العيب أن نظل حتى الآن نعاني من تعثر أو تأخر تنفيذ المشاريع دون حل جذري لهذه المشكلة.