صحيفة أملج ( عبدالله عابد الشريف - جريدة المدينة ) رغم مرور ثلاث سنوات على صدور اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة وتطبيقها في الأجهزة الحكومية، إلا أن واقع أنظمة الرقابة الداخلية فيها، لا يزال أقل من التطلعات بسبب بعض الممارسات والمفاهيم الخاطئة عن المراجعة والرقابة الداخلية في كثير من الأجهزة الحكومية وهو الامر الذى ادى الى تعثر الكثير من المشاريع كما اكد ديوان المراقبة العامة مؤخرا. وفي المقابل فإن آراء المهتمين والمسؤولين تباينت في هذا الجانب فمنهم من يعزي أسباب تعثر المشاريع الحكومية إلى قصور في بعض الأنظمة واللوائح التي تنظم العلاقة بين الجهات الحكومية والمتعاقدين معها. ومنهم من يرجع ذلك إلى الجهات الحكومية والمقاولين بالدرجة الاولى. واتفقت الآراء على ان اعادة الروح الى المشاريع الحكومية المتعثرة لن يكون الا من خلال اعادة الروح الى الرقابة الفاعلة التي دخلت الانعاش والابتعاد عن البيروقراطية وسد مداخل الفساد في العقود. مشاريع بجودة سيئة في البداية يقول المواطن سعد بن عبدالله بن غنيم: إن ما اعلنه ديوان المراقبة مؤخرا ليس بجديد حتى على عامة الناس فضعف الرقابة والمتابعة على المشاريع الحكومية هو السبب الرئيس في إخراجها لنا بصورة سيئة. وارجع ذلك الى الإهمال وضعف الرقابة من قبل الجهات الحكومية المشرفة على البناء وكذلك اللجان الحكومية المشكلة لاستلام المبني من المقاول، لذلك ينبغي على الجهات الرقابية استشعار الوطنية والمسؤولية والقيام بواجباتها تجاه الوطن من خلال المحافظة على ممتلكاته وفق المعايير المعتمدة لدى الجهات المعنية، وتكثيف جولاتها الرقابية الميدانية وعدم الاعتماد على التقارير الكتابية. ويشاركه الرأي المواطن محمد سالم القوفي قائلا: لا يستطيع أي عاقل أن ينكر بأن إدارات الرقابة الداخلية في المملكة تعاني من ضعف واضح، وأكد حاجة الديوان الى التعرف على أهمية وطبيعة وحجم المشروعات الحكومية للوقوف على ما يترتب على عدم تحقيقها من تبعات وآثار سلبية جسيمة قد تنطوي على نتائج لا تحمد عقباها، مؤكدا أن مشاريع البنية الأساسية وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والطرق والمواصلات تأتي في طليعة المشاريع، بالإضافة إلى مرافق الخدمات الصحية والتعليمية وضرورة توفيرها للمواطنين بجودة عالية. وعن ابرز الأسباب التي تقف خلف تعثر المشاريع الحكومية يقول المهندس إبراهيم عودة الزحوفي وكيل بلدية المعذر سابقا ان نظام ترسية المشاريع على المقاول الاقل سعرا يعد كارثة بحد ذاته لانه يؤدى الى ضعف الجودة في التنفيذ. كما ان الرقابة الفنية على المشاريع ضعيفة نتيجة عدم إلمام بعض المهندسين أو المساحين أو المراقبين بالعمل الفني، وكذلك ضعف نفوس بعض المهندسين أو المراقبين منتقدا غياب العدل الوظيفي بين الموظفين في الأمانات مما يجعلهم مشحونين على بعضهم البعض ويعملون في بيئة مليئة بالأحقاد والضغائن، وانتقد وجود تواطؤ ملحوظ بين بعض المسؤولين في الأمانات أو البلديات مع بعض المقاولين ويتعدى ذلك ليصبح المسؤول شريكًا للمقاول بطريقة غير مباشرة. أسباب مهنية للتعثر ويقول المهندس أنس علي الدريني مهندس في إحدى شركات الاستشارة الهندسية القائمة بأعمال الاستشارة لمشاريع محافظة جدة أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نغفل تبعات الإهمال والفساد والتي أتت على مسيرة النهضة التنموية لمشاريع البنى التحتية وأدت بطبيعة الحال إلى تعثر عدد كبير من هذه المشاريع في ظل ضعف أنظمة الرقابة الداخلية والمتابعة والإشراف لدى كثير من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، ومن جانب آخر هناك أسباب مهنية كثيرة كانت وما زالت عائقاً أمام الإسراع في تنفيذ هذه المشاريع منها سوء التخطيط الذي لا يجيد التعامل مع المعوقات الميدانية الطارئة بالاضافة الى البطء في التنفيذ. ومن خلال وجهة نظري الخاصة اعتقد ان الحاجة باتت ملحة لتغيير سياسة التعامل مع شركات المقاولات المحلية. فبعضها غير مؤهل لتنفيذ المشاريع العملاقة المواكبة للتقدم الحضاري الذي تشهده البلاد ونحن بحاجة لفتح الباب على مصراعيه لشركات التنفيذ العالمية للتحفيز والمنافسة، وعدم الالتفات للسعر الأقل. الرقابة الداخلية على المشاريع اما الدكتور عادل بن أحمد بابطين وكيل كلية ينبع الجامعية فيقول: يجب تفعيل أنظمة الرقابة الداخلية، وتطبيق مواد اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة والصادرة من مجلس الوزراء برقم وأخص منها تلك التي تتعلق بالاستقلالية وتقييم أنظمة الرقابة الداخلية وممارسة رقابة الأداء، التي سوف تحد كثيراً من مشاكل تعثر تنفيذ المشاريع وسوء تنفيذها وتقديم خدمات أفضل للمواطنين. ومن تلك الممارسات الخاطئة للرقابة الداخلية في بعض الجهات الحكومية اقتصار مهامها على التدقيق المالي المستندي فقط، وتجاهل أساسيات الرقابة المالية ومعاييرها المهنية والتي تعتمد بشكل رئيس على تقييم أنظمة الرقابة الداخلية واستخدام العينات الإحصائية، بالإضافة إلى تجاهل رقابة الأداء والتي تهتم بالرقابة على اقتصادية وكفاءة وفعالية الأنشطة والعمليات والمشروعات الحكومية. كما أن هناك عوامل ومعوقات أخرى تسببت في وجود ممارسات خاطئة والتأخر في تطبيق لائحة الرقابة على المشاريع. ---- مسؤولون بالبلديات: التنسيق المسبق وعدم المركزية يؤدى إلى نجاح المشاريع يقول الدكتور محمد كرسوم عضو المجلس البلدي بينبع أن المتأمل بالمشاريع التي تنفذها الهيئة الملكية للجبيل وينبع وهي جهة حكومية سيجد حتماً الفرق مقارنة بتلك المشاريع التي تنفذها الوزارات والجهات الحكومية الأخرى، وارجع ذلك الى عدم وجود المركزية في تنفيذ مشاريع تلك الإدارات، وجميع إدارات الهيئة الملكية تعمل تحت مظلة واحده بما يعنى التنسيق المسبق في ظل وجود استشاري عالمي، وهو ما تفتقده الأمانات والبلديات. ويؤكد ناجي احمد المرواني رئيس المجلس البلدي بأملج: أن المجالس البلدية لم تقم بدورها الرقابي على كافة المشاريع الحكومية لأنها محدودة الصلاحيات، ودورها الرقابي على المشاريع البلدية فقط. وقال ان إنشاء وتطوير البنية التحتية الأساسية يتطلب التفكير بجدية في إيجاد ضوابط وأنظمة جديدة تتفق مع التطور الذي تشهده المملكة وكذلك مواكبة العصر بحيث تكون هناك مشاريع حكومية تليق بمكانة المملكة، وطالب المهندس باسم بن عبدالله الشريف بضرورة تأهيل المقاولين والتركيز على التحليل الفني للمشاريع بحيث لا يرسو المشروع إلا بعد أن يكون هناك قناعة تامة من قبل الجهة الحكومية . وانتقد التوسع في الاعتماد على شركات مقاولات من الباطن الأمر الذي يتسبب في الخلل الذي يحدث ويكبد الدولة خسائر مالية ضخمة . ----- عضو شورى يطالب بهيئة عامة للمشاريع ترتبط بالمليك مباشرة طالب عبدالوهاب محمد ال مجثل عضو مجلس الشورى بتأسيس هيئة عامة للمشاريع ترتبط بالمليك مباشرة. وقال أن لجنة الشؤون المالية في المجلس اطلعت على التقارير السنوية لديوان المراقبة العامة وناقشتها في عدة جلسات وخلصت إلى أن أجهزة الدولة تحتاج إلى مراجعة وتصحيح جذري، وارجع أسباب تنفيذ المشاريع الحكومية بصورة سيئة الى تأخر بعض الجهات الحكومية في إعداد الشروط والمواصفات الفنية والتصاميم الهندسية لمشاريعها، وعدم مرجعية مواصفات مشاريعها الفنية ومخططاتها ورسوماتها الهندسية مما يؤدي إلى إجراء إضافات أو تعديلات أثناء مراحل التنفيذ، بالإضافة إلى عدم كفاية الاعتمادات المخصصة لبعض المشاريع في الميزانية، وعدم كفاءة بعض المقاولين أو تقصيرهم، وعن البدء بالإصلاح للمشاريع الحكومية قال ال مجثل: يجب أن تكون هناك هيئة للمشاريع مرتبطة بالملك مباشرة تشرف على المشاريع الحكومية ومراقبتها ابتداءً من التصميم وتنتهي بالتنفيذ. ووصف ال مجثل الوقت الراهن بتنفيذ المشاريع بالأضحوكة، حيث لا يوجد تنسيق أو ارتباط بين الوزارات الخدمية في الوقت التي تعتمد فيه وزارة المالية على الأخذ بأقل العروض المالية المقدمة من الشركات أو المؤسسات المنفذة دون النظر أو الأخذ بعين الاعتبار الجودة والمواصفات الأفضل. ----- فرضية المشكلة ساهم ضعف الرقابة الداخلية على المشاريع الحكومية في تعثر تنفيذ الكثير من المشاريع في الوقت المناسب. التوصيات : إعادة النظر في أنظمة الرقابة الداخلية تشديد العقوبات على الجهات الحكومية المتساهلة في الرقابة على المقاولين ربط طرح المشاريع بإزالة جميع العقبات التنظمية والإجرائية. رابط الموضوع بجريدة المدينة