والجهل الذي أعنيه هنا هو نوع من الجهل العام الذي يصيب بعض الناس بغض النظر عن دينهم أو بيئتهم الاجتماعية والدينية والاقتصادية، فالإرهابي قد يكون ثريا، وقد يكون طبيبا متميزا، وقد يكون مهندسا ناجحا، وقد يكون عسكريا شجاعا، وقد يكون رجل دين مسلم أو مسيحي أو يهودي أو بوذي... إلى غير ذلك من الصفات التي قد يتمتع بها الإرهابي، فالإرهاب كما أعتقد حالة تتلبس الإنسان فتشل تفكيره وتحصره في زاوية واحدة وهي الانتقام من هذا أو ذاك، وبعيدا عن التفكير المنطقي، فضلا عن الديني أو الإنساني أو الحضاري، ولهذا نجد أن هناك صعوبة كبيرة في تغيير مفاهيم الإرهابي وإقناعه بخطأ ما يفكر فيه أو فيما ينوي فعله!! وفي عالمنا اليوم شواهد كثيرة على ما ذكرته ؛ فجماعة (بوكو حرام) ومعناها: (التعليم الغربي حرام)، فهذه الجماعة ارتكبت كثيرا من المجازر بعضها ضد المسلمين، والبعض ضد غيرهم، وكان آخر فضائحهم خطف حوالي 270 طالبة مسلمة ثم التهديد ببيعهن ليصبحن جواري لمن يدفع الثمن!! وإذا عرفنا أن زعيم هذه الجماعة (أبو بكر شيكو) متخرج من كلية شرعية وهو يعرف بداهة أن خطف الفتيات جريمة، وأن الإسلام يحرم بيع الحرائر، فكيف نفهم ما ذهب إليه من تهديد ببيعهن؟! السيد (داوود عمران ملاسا) أمين عام جماعة تعاون المسلمين في نيجيريا حاول إيجاد تفسير لما قام به زعيم بوكو حرام، فأكد أن الممول الأكبر لهذه الجماعة هو الجنرال المتقاعد المسيحي المتطرف (جيريميا أوسين)، وأن الهدف من ذلك هو تشويه صورة الإسلام والمسلمين في نيجيريا، وقد تحقق الكثير من ذلك، حيث تم تعطيل معظم مشاريع المسلمين، وكذلك أقفلت كثير من جمعياتهم ومدارسهم، كما أن صورتهم أصبحت مشوهة، خصوصا بعد العملية خطف الفتيات!! هذه الجماعة لا تعترف بالإسلام بل ولا تفقه تعاليمه رغم ادعائها الارتباط به؛ الجهل والحقد يمثلان جزءا مما يقومون به، ولا أستبعد عمالة بعضهم للقوى المحاربة للمسلمين. جماعة داعش لا تختلف في همجيتها وجهلها كثيرا عن (بوكو حرام)!! هذا التنظيم قتل أكثر من أربعة آلاف من المقاتلين ضد طاغية الشام بشار الأسد!! كما قام جهلتهم وصبيانهم بتنفيذ حد القتل والقطع على مسلمين لم يرتكبوا ذنبا، بل وليس من حق هؤلاء الجهلة محاكمة الآخرين والحكم عليهم بالقتل أو القطع أو الجلد أو سواه؛ لأن أحدا لم يخولهم ذلك، ودولتهم التي يزعمون ليس لها من الشرعية لا قليل ولا كثير، بل ليس لها وجود حقيقي على الأرض!! جهلة (داعش) وصل أذاهم وإرهابهم إلى بلادنا الكريمة؛ فقد كانوا يخططون لعمليات قتل وتفجير، واستعدوا لذلك بجمع الأسلحة والمال، ولكن الله أخزاهم ومكن الأجهزة الأمنية من كشفهم والقبض على خليتهم التي ضمت سعوديين وغير سعوديين!! هؤلاء الدواعش فيهم من تخرج من كليات شرعية أو درس فيها ولم يتخرج منها، ومع هذا فجرائمهم يندى لها الجبين، وأفعالهم شوهت صورة الإسلام والمسلمين، والأنكى أن تلك الجرائم أثرت سلبا على ثورة الشعب السوري ضد الطاغية بشار الأسد، وهناك إشارات كثيرة أن قادتهم عملاء للأسد ومن معه وأنا أرجح ذلك أما صبيانهم فجهلة سلموا عقولهم لمجموعة إرهابيين حاقدين على من حولهم دون أي سند شرعي فضلوا وأضلوا وخاب مسعاهم. والإرهاب كما قلت ليس له دين أو مكان؛ فالإرهاب الذي يمارسه مجموعة من الرهبان البوذيين ضد المسلمين الروهنجيين في بورما ليس له تفسير إلا الحقد الدفين على الإسلام وأتباعه!! فالبوذي يظهر دائما الطيبة والوداعة، ويتحدث عن التسامح والسلام بين البشرية، لكن هذه القيم التي يدعونها تذهب هباء عندما يكون الطرف الآخر مسلما!! وأطرح السؤال نفسه: هل هؤلاء الرهبان جهلة بمعتقدهم؟! وهل يجهلون حرمة الدم الإنساني وهم دائما ما يتحدثون عنه؟! أجزم أنهم يدركون كل ذلك ولكن الحقد على المسلمين أعمى بصائرهم ودفعهم لارتكاب كل تلك الجرائم الرهيبة والتي تخالف أبسط المبادئ الإنسانية!! أما جرائم الأسد ضد الشعب السوري، خصوصا سنتهم، وكذلك جرائم المالكي ضد سنة العراق، فإرهاب شنيع ضد البشرية عامة، ولا شك أن التعصب للفئة قاد إلى ذلك كله، وربما سيقود إلى ما هو أسوأ منه بكثير. الإرهاب يتخذ مناحي متعددة، ويغذيه تعصب للرأي وجهل بالدين والقيم والمبادئ الإنسانية، والمتعامل معه يجب أن يضع كل ذلك في حسبانه لعل وعسى أن يتمكن من التخفيف منه وإبعاد أبنائنا عنه.