ما إن تكتب تغريدة على «تويتر» إلا ويأتيك رد مباغت من جماعة «لحس المخ»! العجيب أن العبارات مكررة في عشرات الحسابات، ولا أفهم معنى أن ينتهي المخ جراء متابعةٍ لموقعٍ أو حسابٍ أو مقاطع على «اليوتيوب». علما أن المخ من المفترض أن ينمو، لا أن يلحس وينتهي. مثل هذه الحسابات توضح ما هو أعمق من النكتة، ذلك أن «المخ» أو «العقل» هما منبعا الإبداع وطاقته، والعقل ليس مكتسبا أو موضوعا مستلهما، بل إنه «أعدل الأمور قسمة بين الناس» كما يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت. والعقل ينمو بالتمرين، فهو كالعضلة كلما تمرنت قويت، ولا يوجد إنسان بلا عقل حتى المجنون لا يمكننا أن نصفه بأنه «غير عاقل» على النحو الذي يسرده ميشيل فوكو في كلامه وحديثه عن الجنون. المعضلة الفكرية التي نواجهها أسبابها كثيرة، البعض يعزوها إلى «غياب الموسيقى» كما يقول الصديق عثمان العمير، والبعض يفسرها بسبب ضعف التدريس للمناهج الفكرية والفلسفية، والبعض الآخر يعتبرها شبكة من القصور في مختلف المجالات من الخطاب الديني إلى الفقر في الفنون والعلوم. المعضلات التي يواجهها البشر في يومياتهم معظمها ذات أبعادٍ فكرية، حتى ما هو نفسي قد يكون له أثره الفكري، كما حدث لدى العديد من العباقرة الذين أثرت عليهم الأسئلة نفسيا، كما حدث مع أغوست كومت وجون ناش وسواهما من المبدعين. أتمنى أن توجد بعدد تلك حسابات «انلحاس المخ» المزعجة عشرات بل مئات الحسابات التي تعنى بتنمية المخ والعقل والذهن، في زمن استرخت به العقول وبات البعض يخاف من استخدام العقل في حياته ودينه وفقهه، حتى تمثل بعضهم بيت محمد الأحمد السديري: المستريح اللي من العقل خالي ** ما هو بلجات الهواجيس غطاس!