قامت فيس بوك بتصميم وبناء مركز البيانات الخاص بها في دائرة القطب الشمالي، متجاوزة في ذلك عمالقة العتاد الحاسوبي مثل إتش بي، وديل، وسيسكو، والتي تبلغ مبيعاتها مليارات الدولارات سنويا. وفي بادرة غير مسبوقة، قامت فيس بوك بنشر تصاميمها لمركز البيانات الخاص بها- والتي تشمل المواصفات والتصاميم الميكانيكية للأجهزة، واللوحات الحاسوبية، وشاسيهات الخوادم، وأسلوب الإمداد بالطاقة، وخزائن البطاريات- وذلك كجزء مما أسمته «المشروع الحاسوبي المفتوح»، والذي تحاكي فيه مبادرات البرمجيات ذات المصدر المفتوح، بحيث تكون التصاميم متاحة لكل من يرغب في استخدامها لبناء مراكز البيانات، وبحيث يتم تعديل التصميم وتحسينه من خلال تبادل أفضل الممارسات والمواصفات التي تساهم بها الجهات المستفيدة. وأصبح هذا المشروع الآن- كما يقول الخبراء- يشكل أكبر تحول في صناعة مراكز البيانات خلال العقد الحالي، ويمثل الصورة التي ستصبح عليها مراكز البيانات في المستقبل القريب. وقد قامت فيس بوك ببناء مركزها الجديد للبيانات وسط غابة تقع في بلدة سويدية على حافة دائرة القطب الشمالي، وهو يعد بكل المقاييس المنشأة الحاسوبية الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة وذلك مقارنة بنظائرها في أي وقت مضى. وفي هذا المبنى العملاق يتم معالجة 350 مليونا من الصور الفوتوغرافية، و3.5 مليار مشاركة ب like، و10 مليارات رسالة يتم تداولها على فيس بوك يوميا. ويعتمد المركز على شبكة السدود الكهرومائية السويدية للحصول على طاقة كهربية ذات اعتمادية عالية وبتكلفة رخيصة، كما يعتمد على المناخ المتجمد للمنطقة في الحصول ما يلزمه من طاقة تبريدية من خلال السماح للهواء البارد من خارج المبنى بالمرور عبر خوادم مركز البيانات بعد ترشيحه وضبط درجة الرطوبة فيه، وذلك بدلا من الاعتماد على أجهزة تكييف الهواء الضخمة التي تستهلك طاقة كهربية عالية. وقد قام مهندسو فيس بوك – في إجراءاتهم لتصميم خوادم حاسوبية أكثر بساطة- بالتخلص من فتحات الذاكرة الإضافية والكابلات الزائدة والواقيات البلاستيكية وغير ذلك، مما أدى بالوصول إلى أعداد أقل من الخوادم الحاسوبية ذات الأحجام الأصغر، والمعرضة لتدفق أفضل لهواء التبريد، بحيث أصبح مركز البيانات يبدو كوحدة متكاملة تحتاج لطاقة تبريدية أقل، خلافا لمراكز البيانات التقليدية التي تتكون من صفوف من الخوادم الكبيرة ذات الاحتياجات التبريدية العالية. ففي الوقت الذي يحتاج فيه أي مركز بيانات لطاقة كهربية للتشغيل والتبريد تبلغ 3 وات وذلك لكي تنتج ما مقداره 1 وات من الأعمال الحوسبية، فإن مركز بيانات فيس بوك يحقق نسبة 1.04 وات مقابل 1 وات، هذا بالإضافة إلى بيئة أكثر نظافة بمقدار 3 مرات عن مراكز البيانات الأخرى. لقد شجع هذا النجاح فيس بوك لكي تبدأ بتصميم شبكاتها ونظم تخزين البيانات فيها، مما أصبح يمثل ضغطا على شركات العتاد الحاسوبي الشهيرة، وتهديدا مباشرا لها. * أستاذ علم المعلومات -جامعة الملك سعود عضو مجلس الشورى