دفع النادي الأهلي ثمن تجاهله لأخطاء مدربه البرتغالي «بيريرا» أخيرا.. عندما فقد أثمن البطولات.. أمام أغلى الناس في ليلة تاريخية كسب فيها شباب المملكة العربية السعودية أروع هدية «جوهرة الملاعب» ليخطف الشباب في النهاية هذه الجوهرة عن استحقاق وجدارة.. وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقية للتغاضي الأهلاوي عن تلك الأخطاء الفادحة فإن المظهر العام للفريق في هذه المباراة لم يكن أفضل من الهزيمة المؤلمة بثلاثة أهداف نظيفة.. وذلك أيضا كان نتيجة طبيعية للأخطاء الفنية التالية التي حذرنا منها كثيرا في الماضي.. ونبهنا إلى ضرورة معالجتها أكثر من مرة وآخرها ما كتبناه في هذا المكان.. وتحديدا في الصفحة (42) من هذه الجريدة بالعدد الصادر يوم الاثنين 28/6/1435ه تحت عنوان «فرحة الأهلي تكمتل الخميس» بعد عنوان فرعي يقول: «تغييرات هامة ومطلوبة في القلعة» وفيها قلت بعد التحذير من استمرار الفريق بالصورة المهزوزة أمام الاتحاد قلت: «لقد استقر خط الظهر الأهلاوي على منصور/ محمد أمان/ أسامة هوساوي والزبيدي.. وفي المباراة القادمة أرى إحلال «عقيل بلغيث» محل الزبيدي.. وتقديم الزبيدي للعب في الوسط إلى جانب «وليد باخشوين» وحذرت من لعب هوساوي ومحمد أمان على خط واحد كثيرا.. تجنبا لفتح الملعب أمام هجوم الشباب المربك ولاسيما البرازيلي «رافينها» ومن خلفه (فرناندو) إلى جانب حيوية ظهيريه (معاذ) و(الأسطا) على الجانبين ولجوئهم إلى الكرات الساقطة في منطقة دفاع الأهلي». كما حذرت من أخطاء بيريرا في الوسط وخلخلته له وقلت «إن على بيريرا أن يتدارك الخطأ المتكرر الذي يقع بتجميد تيسير الجاسم كمحور ثابت في المؤخرة إلى جانب «باخشوين» وهو ما طالبنا ومازلنا نطالب بمعالجته في المباراة القادمة وذلك بتثبيت عقيل بلغيث في مركز الظهير الأيمن وتقديم الزبيدي للعب بجوار باخشوين على أن يلعب تيسير خلف المهاجم «ليال» مباشرة ويكون بصاص في الطرف الأيمن و«موسورو» في الطرف الأيسر وقلت وبدون هذا فإن الأهلي سيفقد المباراة إذا لم يتدارك تلك الأخطاء في التشكيلة وفي توزيع الأدوار». فماذا حدث في مباراة البطولة والحسم؟! حدث كل ما حذرنا منه.. بل وأكثر منه.. وقدم بيريرا الكأس على طبق من ذهب لفريق الشباب الذي لعب مباراة تكتيكية عالية المستوى تدل على أن مدربه التونسي «السويح» قد قرأ أخطاء بيريرا جيدا.. ولعب عليها.. وفاز بأكبر نتيجة دون أن يبذل لاعبوه مجهودا كبيرا.. وأكبر تلك الأخطاء وأفدحها هي التالي: (1) تفريغ منطقة الوسط الأهلاوية تماما. (2) إلغاء فعالية الأطراف تماما.. (3) عدم تأمين منطقة الخلف بصورة كافية عندما ترك «باخشوين» وحيدا فيها وإسناد مهمة المحور الثانية إلى «المطيري» غير المهيأ أساسا لمباراة كهذه.. كما قلت ذلك مرارا. (4) تثبيت الظهيرين «منصور وعقيل» في منطقتهما.. مع تقديم متوسطي الدفاع (أمان/هوساوي) وتفريغ منطقة قلب الدفاع أمام مهاجمين شبابيين / متمكنين (رافينها/مهند) وخلفهما (فيرناندو) و(أحمد عطيف). والأدهى من كل هذا هو.. أن «بيريرا» اخترع تشكيلة جديدة وبالتالي اضطر لتكييف الخطة على أساسها.. بدلا من أن يفعل العكس.. وقبل أن أتحدث عن هذه التشكيلة وتلك الخطة.. أريد أن أذكر «بيريرا» ومن شاركوه في هذا الاختراع.. بقواعد إعداد الخطط لكل مباراة في عرف المدربين وأساطين اللعبة.. ففي العادة.. يقوم المدرب الماهر.. بإحضار أكثر من فيديو لمباريات الفريق الخصم في أكثر من مباراة.. كسب بعضها وتعادل في بعضها وهزم في البعض الآخر.. بهدف معرفة الآتي: (1) مصادر القوة والضعف في الفريق المقابل. (2) تشكيلة الفريق في كل مباراة.. للتعرف على مدى الثبات أو التغيير عليها. (3) التعرف على خطة اللعب الأساسية للفريق ومقارنتها بالطريقة التي يلعب بها كل مباراة لمعرفة مناطق الثبات أو التغيير فيها تبعا لوضع الفريق المقابل.. (4) تحديد مصادر الخطورة المباشرة في الفريق هل هي هجومية أم في الجوانب والأطراف.. في السرعة.. أو في اللعب بطريقة «الموجات» الدفاع والهجوم المتوازن.. ومعرفة دور الوسط في تحريك تلك الموجات اندفاعا إلى الأمام أو تراجعا.. (5) متابعة ردود فعل الفريق المقابل في حالة الهزيمة أو التأخر بهدف.. هل ينكمش إلى الخلف.. هل ينتشر على الأطراف.. هل يعزز الهجوم ويدعم وسط المقدمة؟ هل يجمد طرفي الدفاع أم يطلقهما لمساعدة الوسط والقيام بدور هجومي إضافي.. هل يثبت أحد متوسطي الدفاع أو يطلقهما معا.. ويحرك الحارس من خلفهما لكي يقوم بدور «الليبرو».. وفي ضوء ما يتجمع للمدرب «المتمكن» من معلومات يقوم برصدها وتسجيلها كتابة.. يقوم بعرض أهم المشاهد على فريقه ويناقشهم في أخطاء الفريق المقابل.. وينبههم إلى مصادر قوته.. ومن ثم يقوم بإعداد تشكيلته النهائية في ضوء كل ذلك وبعد دراسة مستفيضة.. ليس فقط لقدرات اللاعبين الفردية في الفريق المقابل وإنما في إمكانياتهم اللياقية لاعبا لاعبا بهدف رسم خطته على أساسها.. كي يحدد أسلوب اللعب داخل الملعب: هل يبدأ مهاجما..؟! هل يعمل على قتل الكرة منذ البداية وتبادلها بين اللاعبين لمدة (3) دقائق.. هل يعتمد أسلوب الهجمة المباغتة من الأطراف بهدف فتح الملعب وتشتيت انتباه لاعبي الفريق الآخر..؟ كل هذا يحدث قبل المباريات ولاسيما الفاصلة منها..؟! فهل فعل «بيريرا» هذا؟! بكل تأكيد فعل هذا وربما فعل ما هو أكثر؟! لكن المدرب «بيريرا» كما عودنا باستمرار لا يقوم بتلك المهام لصنع التكتيك المناسب لفريقه وعلى أساسه وضوئه دائما يفعله من باب أداء الواجب.. لأنه يكون قدر رسم في ذهنه «خارطة» اللعب وتشكيلته.. ورأى من وجهة نظره أنه قادر على الفوز على خصومه بهذه الطريقة أو تلك.. ولذلك فإن الأهلي في عهد بيريرا.. يفاجئك بالعجائب وبما ليس في الحسبان في كل مباراة.. وأكبر دليل على ذلك هو ما حدث في هذه المباراة تحديدا.. وتعالوا نتأمل فداحة الأخطاء الفنية التي ارتكبها بحق الأهلي. فقد لعب بالتشكيلة الأساسية التالية وبالأدوار المشار إليها على النحو التالي: فهل يمكن تصديق هذا..؟ وماذا يعني هذا ببساطة؟ ولماذا فعل بيريرا هذا؟ أريد هدوءكم.. وتركيزكم.. وقراءتكم العميقة لهذه التشكيلة وما ترتب عليها من أدوار.. وما أدت إليه من سلبيات؟ ولعل أول نظرة لهذه التشكيلة تفيدنا بأن «بيريرا» لعب المباراة منذ اللحظة الأولى وحتى نهايتها ب«صالح الشهري» كرأس حربة.. وهو الذي أجلسه على دكة الاحتياط طوال الموسم إلا ما ندر.. وبالتأكيد.. فإنه كان بعيدا عن الدور والمهمة.. ومن غير المتوقع من لاعب مثله وإن كان جيدا أن يحقق ما هو مطلوب منه.. سواء بسبب حركته على خط ال(18) للفريق الخصم.. أو استخدامه لطوله وتسديداته بالرأس أو تبادله المراكز مع أقرب لاعب منه.. ليس هذا فحسب.. بل أرسل «تيسير الجاسم» إلى مركز الجناح الأيمن بدلا من أن يضعه في المركز المناسب له.. ولوجود لاعب سريع ومتحرك أمامه مثل «صالح الشهري» كرأس حربة.. وهو مركز صانع الألعاب الذي يقود الهجمة وينظم صفوف المهاجمين أمامه.. وعلى يمينه ويساره .. بتعاون وثيق وحركة دائبة.. وما حدث هو أنه وضع «لويس ليال» خلف «صالح الشهري» لكي يقوم بدور المحرك ل«صالح» والممول للهجوم.. ومسدد الكرة من الخلف عند الحاجة.. نظرا لقوة قدمه.. فماذا كانت النتيجة؟! كانت النتيجة هي: أن «ليال» وجد نفسه تائها.. وغير قادر على القيام بأدوار غريبة عليه.. لأنه ليس لاعب إمداد.. ولا يملك فكر قيادة الهجمة.. أو صانع الألعاب.. لأن تكوينه وتركيبته ومهاراته هي مهارات لاعب «متلقي» و«منفذ» وليس لاعبا يصنع الألعاب لغيره.. وينظم صفوف المهاجمين أمامه ويضع الفرص لهم.. ويقوم هو بالهجوم في الوقت المناسب من الخلف.. وما حدث نتيجة هذا الخطأ بإنزال صالح الشهري في هذه المباراة من البداية في هذا الموقع.. وسحب ليال من المقدمة.. ووضعه في مكان لا يناسبه .. هو: (1) أن صالح الشهري كان معزولا بمفرده في المقدمة أمام دفاع منظم كل التنظيم وبصورة غير مسبوقة هذه المرة. (2) أن «ليال» وجد نفسه يهرب من المأزق في كثير من الأحيان إلى «اليمين» فترتد الكرة إلى المساحة التي تركها وترتد على فريقه بقوة وخطورة متناهية. (3) أن تيسير الجاسم.. وجد نفسه في حيرة.. معزولا .. في منطقة بعيدة عن المناورة.. ولا يعرف يلعب الكرة لمن؟ لصالح الذي كان يتحرك على خط المقدمة بدون هدى فلا يجد تيسير أحدا في مواجهة المرمى لكي يرفع له الكرة.. ولا «ليال» الذي ترك مكانه خلف صالح وأخذ يتحرك هو الآخر بدون بوصلة.. فيما كان «موسورو» في منطقة الجناح الأيسر.. بعيدا عن أجواء المباراة.. فلا هو هاجم وحل محل صالح عندما يسرح بعيدا عن منطقته ولا هو وجد «ليال» قريبا منه حتى يتبادل معه الكرة ويبدآن الهجمة.. ولا هو امتلك القدرة على الحلول محلهما والتقدم نحو مرمى الشباب.. لأنه كان ظاهر الإعياء والتعب «لياقيا» وبدرجة غير مسبوقة: وقد استفاد الشباب من تبعثر هجوم الأهلي وغياب البوصلة أمامهم .. فأجاد «ماجد المرشدي» و«سيف البشري» دورهما في إغلاق منطقة وسط الدفاع تماما.. بالتعاون مع الحارس «وليد عبدالله» وانطلق الظهيران «حسن معاذ» و«بدر السليطين» في القيام بأدوار هجومية فعالة.. لأن جناحي الأهلي «تيسير/ موسورو» لم يكونا في المود.. بحكم الأدوار العجيبة التي أعطيت لهما في ظل وجود مهاجمين اثنين متباينين في الطريقة وفي تبادل الأدوار.. فضلا عن انعدام الحد الأدنى من التفاهم بينهما.. لأنهما يؤديان دورا واحدا في منطقتين مختلفتين في وظائفهما؟ ذلك هو خط مقدمة الأهلي العجيب.. وذلك هو سبب خروج الأهلي «صائما» من هذه المباراة.. لقد كان الوضع الطبيعي هو أن يلعب المدرب بيريرا بخط الهجوم التالي لو حدث هذا.. لما هزم الأهلي.. لسببين اثنين هما: (1) أن الشباب لم ينزل المباراة لكي يقدم لوحة جمالية (كما أراد بيريرا لفريقه) وإنما نزل لكي يكسب المباراة.. ويحقق البطولة.. فكان ثبات التشكيلة واستقرارها مرتكزا أساسيا لتحقيق هذا الهدف.. (2) إن مدرب الأهلي كشف نفسه أمام مدرب الشباب «الداهية» فلعب على أخطائه منذ اللحظة الأولى عندما تنفس الصعداء لتفريغه منطقة الوسط (المناورة، الأهلاوية فسيطر عليها بوسطه المتماسك (الخيبري/ الغامدي) وأمامهما (فرنانديز/ أحمد عطيف). والغريب أن بيريرا.. استمر في مكابرته وإصراره على هذه التشكيلة حتى نهاية المباراة وإن أقدم على تغيير مهم.. حين أرجع تيسير إلى الوسط وجاء ب (مصطفى) في خانة الجناح الأيمن بإخراجه (المطيري) في أول تبديل.. وهو تبديل مهم جدا.. ولكنه كان تغييرا متأخرا وغير ذي جدوى.. لأن الفريق كله تعرض قبل ذلك لهزة نفسية كاسحة من هدفين مباشرين نتيجة «خلخلة» وسط الأهلي.. وضعف أداء المحاور المتأخرة نتيجة بطء «المطيري» وتوتر «باخشوين» واتساع الفجوة بين متوسطي الدفاع (أمان /هوساوي) .. بالإضافة إلى أن الطرف الأيسر ظل مشلولا حتى مع وجود «موسورو» وغياب التعاون والتنسيق بينه وبين خط الهجوم.. أو الوسط تماما.. بالإضافة .. إلى استمرار صالح الشهري في المقدمة وتراجع مستوى تيسير اللياقي والنفسي من ورائه في الوقت الذي كان «ليال» مستمرا في حالة «التوهان» لأن «بيريرا» وضعه في مواقع صعبة.. وتركه بلا دور.. وكما قلت في البداية.. فإن إفراغ بيريرا للوسط (تماما) كان بداية المشكلة حيث لعب الشباب بتركيز شديد على هذه المنطقة باللعب على النحو التالي: مستفيدا من المساحات الكبيرة المفتوحة أمامه بوضع كل من تيسير وموسورو في المقدمة وتأخير المطيري إلى الخلف بجانب باخشوين أمام وسط قوي ومتماسك ومستقر (الغامدي/ الخيبري) وعلى جانبيهما عطيف ورافينها.. هذا التشكيل وحده كان كافيا لاختراق دفاع الأهلي بسهولة لاسيما أن كلا من أمان وهوساوي كانا كثيري الاندفاع إلى الأمام دون مبرر ودون أدنى تبادل للأدوار في مختلف أوقات المباراة فيما كان منصور في هذه المباراة خارج الخدمة تماما.. وعلى غير عادته.. ربما لأسباب نفسية يعرفها الأهلاويون.. وربما لتقييده وتثبيته في منطقة جامدة قتلت تحركاته الأمامية النشطة بفعل توجيهات المدرب له بعدم التقدم أماما لمواجهة تحركات الظهير الأيمن الشبابي (حسن معاذ) وهو الدور الذي كان على (موسورو) أن يقوم به إلى جانب دوره الهجومي.. لكنه لم يفعل شيئا لا على مستوى الدفاع ولا على مستوى الهجوم في الوقت الذي كان «معاذ» مصدر تهديد حقيقي للأهلي من الناحية اليسرى وكثير من الكرات المرفوعة جاءت منه وساهمت في تحقيق الأهداف الثلاثة.. وعلى الطرف الآخر.. استطاع الظهير الأيسر الشبابي الجديد (السليطين) أن يغطي منطقته في الشوط الأول لأن الأهلي كان معدوم الفعالية من هذه الناحية لوجود تيسير فيها.. وأن كان مدرب الشباب قد غيره بعد نزول «مصطفى» في أول تغيير أهلاوي فعال كاد يجدي لولا أنه لم يجد من يتفاهم معه أو يستقبل كراته البينية بذكاء كاف.. ونتيجة لهذا الإرباك الشديد لهجوم الأهلي ووسطه ودفاعه.. يقابله تركيز الشباب الشديد ولعبهم مباراة محسوبة بعناية شديدة.. وبتوازن كبير بين دفاعه ووسطه وهجومه.. فإن المباراة سارت كما أرادها مدرب الشباب ورسمها بتحفظ في حالة الهجمة عليه.. ويتقدم بحساب حين يجد المساحات أمامه.. ويفتح الملعب في الوقت المناسب.. وهكذا وجد «مهند» نفسه قادرا على استثمار هذا التفاهم مع الأطراف وكذلك مع المحور وصانع الألعاب من خلفه.. ويستفيد بذكاء من الفراغات الكبيرة في دفاع الأهلي.. ومن خشونة «المطيري» و «ليد» ومن اتكالية الظهيرين واعتمادهما على الحارس والإكثار من الكرات المرتدة الأمر الذي مكن «مهند» من تحقيق الهدفين «الثاني» من كرة مرتدة من الحارس.. و «الثالث» من كرة مرفوعة من الناحية اليسرى بعناية.. بعد أن شارك وتسبب في هدف البنالتي الأول نتيجة خطأ المطيري وتسديدة «فرنانديز» المحكمة في مرمى «المعيوف». والسؤال الآن هو: هل الأهلي فريق سيئ؟ هل لاعبو الأهلي.. أقل خبرة.. أو مهارة.. أو إحساسا بأهمية المباراة؟ هل المستوى الفني أو اللياقي أو النفسي للاعبي الأهلي أقل بكثير من فريق الشباب؟ أسأل وأجيب: إن الأهلي فريق كبير.. ولاعبوه على مستوى مهاري عال.. وإحساس اي لاعب بأهمية البطولة لا يمكن أن يكون سيئا وبالصورة التي ظهر بها لاعبوه في الملعب.. وطوال الشوطين.. وجميع اللاعبين أيضا.. فماذا حدث إذا؟! الذي حدث هو: أن هذا الفريق الكبير مر عليه مدربون مختلفون في ثقافتهم.. وفي خبرتهم.. وفي درجة إحساسهم باللاعب أمامهم وفي التخطيط بعناية على اكتشاف الأخطاء وتركيز حصص التدريب على معالجتها.. ثم في التدرج مع الفريق خطوة خطوة بعد اكتشاف ومعرفة مهارات وقدرات وعيوب كل لاعب ودراسة كل حالة على حدة.. وإعادة بناء وتكوين شخصية هذا اللاعب ودمجه في إطار الخطة العامة للفريق.. وتحديدا فإن «بيريرا» كان أكثر هؤلاء المدربين إصرارا على تنفيذ أفكار «وخطط» ومسارات.. في ذهنه .. بصرف النظر عن التعامل مع العناصر الموجودة أمامه.. وبدا وكأنه مصر منذ اللحظة الأولى على إخضاع الجميع لما يريد هو.. وليس للتوفيق بين ما يريده وبين ما هو متاح أمامه.. والمدرب الناجح هو الذي يتدرج بالفريق من استثمار لاعبيه بصورة جيدة منذ البداية.. وإدخال تعديلات متدرجة سواء في أنماط تفكيرهم أو في طريقة لعبهم أو في عاداتهم وتصرفاتهم إلى أن يصل إلى المجموعة التي يريدها سواء من الناحية الفنية أو اللياقية أو النفسية.. ومن هنا تعرض الأهلي لأكثر من هزة شديدة خلال هذا العام. والمشكلة الأكبر أن «بيريرا» فرض على النادي عناصر لا تشكل اضافة حقيقية إن هي لم تكن أحسن ممن سبقوهم.. ولا حتى من نجوم الفريق الوطنيين ونستطيع أن نقول إن سوء الاختيار شمل الجميع ولم يقتصر على أحد منهم.. وحتى «موسورو» الذي بدأ يستوعب زملاءه ويستثمر حركته ولياقته الجيدة ظل عشوائيا في أدائه كثيرا.. وكذلك «ليال» الذي لم يقدم للأهلي شيئا كثيرا.. ربما لأنه لاعب لا يحسن التمركز الجيد.. وربما لأنه أبعد عن المواقع التي يجيدها بسبب سياسة كثرة التجريب التي يتبعها المدرب لوضع اللاعب في أكثر من خانة.. فلا هو أجاد خانته ولا هو صلح للخانة الأخرى.. ونفس الحال لبقية المحترفين الذين لأكثرهم إصابات.. او ليس لديهم شيء يقدمونه مثل «سوك» الذي يجري في الملعب دون هدى. ودون أدوار محددة.. وكان نزوله في هذه المباراة تحديدا دليلا على أن المدرب لا يعرف من يغير..؟ ولا متى يغير.. ولا أين يضع اللاعب الذي يغيره؟! وحتى «ريونيتو» الذي أنزله في النصف الثاني من الشوط الثاني.. لم يكن جاهزا للعب مباراة حاسمة في وقت صعب.. بلياقة مهترئة.. وبوصلة غير واضحة الرؤية.. وأخشى ما أخشاه في حالة استمرار «بيريرا» في العمل مع الأهلي.. أن يهبط هذا الفريق العريق إلى الدرجة الأولى.. أو أن يخسر نجومه الذين يمتلكون المهارة والخبرة والحب لناديهم لكنهم وجدوا أنفسهم في حيرة أمام مدربين «يجربون» فيهم وكأنهم يلعبون الكرة لأول مرة.. الأهلي.. إذا فريق كبير.. وإمكاناته ضخمة.. ولديه لاعبون محترمون.. ولا يجب أن تحاسبهم الجماهير على المستوى السيئ الذي ظهروا به في هذه المباراة لأن الذنب ليس ذنبهم وإنما هو ذنب سياسة التفرد.. والمكابرة.. والإصرار على الخطأ وبالتالي إهدار فرص الفوز المحققة لفريق لعب أمام جماهيره الغفيرة.. وأمام فرصة ذهبية نادرة.. وبين يدي ملك كريم جاء ليشارك أبناءه الفرحة بمنجزين منجز الجوهرة الهدية.. ومنجز البطولة التي ذهبت لمن يستحقها.. وفي النهاية.. فإن الواقعية التي لعب بها مدرب الشباب تؤكد أن الفوز يدين في العادة للفرق التي تملك قدرات تدريبية لا تبالغ في الطموحات.. ولا تجازف في الأوقات الصعبة.. وتعرف كيف تؤكل الكتف أيضا.. وأجزم بأن الشباب الآن في وضع مستقر ومستوى التفاهم بداخله كبير.. وأن أوجه النقص لديه قابلة للتحسن والإصلاح.. ما دام أن المدرب قادر على التعامل مع أبنائه بهذه الواقعية ومعالجة أوجه النقص بهدوء.. سواء كانت لياقية.. أو مهارية.. أو نفسية.. ××× وأخيرا.. أطالب إدارة الأهلي العليا بأن تتخذ قرارات هامة في هذه المرحلة.. ليس فقط بشأن مشكلة التدريب في النادي.. وإنما لتحديد مستقبل النادي على كل الأصعدة وإلا فإن ناديا بحجم الأهلي.. تترك الأمور فيه لمدرب أو لاجتهادات خاصة.. أو لوجود مسافة بين لاعبيه وإدارته.. ستكون نتائجه معروفة ومؤسفة.. وذلك ما لا نتمناه ولا نريده له.. لأن الكرة عندها ستفقد أحد أهم عناصر القوة والجمال الكروي فيها وهذا أمر خطير وخطير للغاية.