يتذمر المواطنون من تعثر إنجاز بعض المشاريع وتأخر الانتهاء من بعضها الآخر، فينبري المسؤولون عن تلك المشاريع المعطلة والمتأخرة والمتعثرة معتذرين عن التأخير، محملين الشركات المقاولة المسؤولية، واعدين بإنجاز تلك المشاريع في مواعيد جديدة، فإن لم تنجز عادوا ثانية محملين المقاولين المسؤولية عن ذلك التأخير. وما ينبغي على أولئك المسؤولين إدراكه هو أن المواطنين لا يعرفون سواهم مسؤولين عن تلك المشاريع، كما أن عليهم أن يدركوا أن القيادة التي أوكلت لهم إنجاز تلك المشاريع ورصدت لها الميزانيات الكفيلة بإنجازها لا تعرف كذلك سواهم مسؤولين عن تلك المشاريع، فالمواطن لم يختر المقاول، والقيادة لم تحدده كذلك، وهذا يعني أن أولئك المسؤولين الذين يتحججون بالمقاولين عند تعطل المشاريع هم المسؤولون عن أولئك المقاولين، فهم من اختاروهم وأسندوا إليهم تنفيذ هذه المشاريع، ولذلك فإن تقصيرهم يعني سوء قرار إسناد تلك المشاريع إليهم وعدم تدقيق سجلاتهم ومعرفة إمكاناتهم وقدراتهم، كما أن تأخر المقاولين في إنجاز تلك المشاريع يعني العجز عن مراقبة أدائهم ومتابعة ما ينجزونه خطوة خطوة والعمل على حل أي مشكلة وتجاوز أي عقبة يمكن لها أن تؤدي إلى تعطيل المشروع أو تأخير إنجازه عن موعده. تحجج بعض المسؤولين بالمقاولين وتحميلهم المسؤولية تأكيد على غياب الإحساس بالمسؤولية تجاه ما أسند إليهم إنجازه، وكذلك غياب الإدراك لأهمية تلك المشاريع التي يعلق عليها المواطنون آمالا عريضة. وإذا كان ذلك كذلك أمكن لنا أن نتفهم ما أكد عليه أمير منطقة تبوك سمو الأمير فهد بن سلطان من أن «التعذر بالمقاولين غير مقبول»، وذلك في إشارة إلى تعثر كثير من المشاريع في المنطقة، وهو الأمر الذي لا تخلو منه منطقة من المناطق. ولو أدرك المسؤولون أن تحميلهم المسؤولية للمقاولين لا يعفيهم من المسؤولية، لأحسنوا اختيار أولئك المقاولين، ثم أحسنوا بعد ذلك متابعتهم.