برحيل زين العابدين الركابي تفقد الصحافة لونا مختلفا وبصمة خاصة، على الرغم من تخصصه الشرعي والديني غير أنه عرف أسلوب الصحافة، وطرق المقالة، ومعنى الحدود وتنوع القضايا، وتغير الموضوعات بين الممكن والممنوع. خبر الصحافة وخبرته، من خلال مقالات رصينة معتدلة، كتب في مجلة «اليمامة» طوال عقود، وكتب في جريدة «الشرق الأوسط» باستمرار. مقالته تمتاز بالاستدلال الشرعي والمعرفي والمنطقي، لكن من دون إخلال بهيكل المقالة، وهذا ميزه عن بعض طلبة العلم الذين يدخلون الصحافة بأسلوب الخطابة. تعلم على يديه جيل من القراء والمهتمين، لا يكتب إلا في المجال الذي يحسنه، وقلما دخل بمهاترات أو صراعات وقتية أو ظرفية، بل كانت رؤيته شاملة. هو أنموذج للإسلامي المستقل المعتدل، حين ضربت القاعدة السعودية في 2003، طبع كتابه ذائع الصيت: «الأدمغة المفخخة» وهو كتاب يبحث في موضوعات الجهاد، العلاقة مع الآخر، العمليات الانتحارية، وجميع موضوعات التطرف وأسس فكر تنظيم القاعدة تقريبا. تم تداوله في أوساط الإسلاميين بين مؤيد ومعارض، غير أن بنية الكتاب أساسها الاعتدال والفهم العصري لمسائل الفقه المتعلقة بالجهاد. بكر عويضة الذي خبر الركابي على مدى سنوات، قال في نعيه له: «التنوع في موضوع المقالة سمة مهمة حرص عليها زين العابدين الركابي كل أسبوع. صحيح أن محاججة التطرف والإرهاب بموقف فكري واضح مستند إلى النص ومعزز بأمثلة واقعية من سلوك السلف، طبع أغلب ما كتب الركابي، لكنه حرص على التعاطي مع ذلك الموضوع من جوانب عدة... من أهم ما ميز مقالات المفكر الراحل، في تقديري، أن زين العابدين الركابي أولى أهمية خاصة لإعطاء صورة شفافة الوضوح في شرح النص القرآني تجاه تعامل المسلم مع أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية». رحم الله زين العابدين، كتب بهدوء، وعاش بهدوء، ورحل بهدوء.