من حين لآخر يتناول بعض الكتاب مواضيع في غاية التفاهة والسخف، لكنها أيضا تثير الاستفزاز عند البعض كمن يصف المرأة السعودية بأنها كالتفاحة المعفنة، أو أن النساء السعوديات ليس فيهن ما يدفع إلى الزواج بهن بعكس نساء العالم، أو أنهن يجمعن الغباء مع القبح، أو إن المرأة عامة كالبقرة، أو إنها راسخة في الجهل حتى وإن حملت درجة الدكتوراه، أو غير ذلك من الأقوال والمواضيع التي هي على تفاهتها تستفز بعض الناس، فتنهال على الكاتب التعليقات والانتقادات ويصير ما قاله متصدرا صفحات الواتساب وتويتر والمجالس أيضا، ولعل هذا ما كان ينشده الكاتب من إثارة الاستفزاز، أن يعرفه الناس وأن يذكروه بينهم، سواء كان ذلك بالحمد أو الذم. هذه الحيلة التي يلجأ إليها بعض المغمورين من الكتاب ليشتهروا، نجحت في أن تجذب إليها كثيرين خاصة الناشئة الذين يركضون في بداياتهم الكتابية إلى لفت الأنظار لما يكتبون ويتلهفون على سماع الاخرين يتحدثون عنهم ويذكرون وجودهم على صفحات الصحف. وقرأت تعليقا لأحد الكتاب على ذلك بقوله إن الكتاب التافهين ما كان لهم الظهور والاستمرار لو أنهم لم يجدوا قراء تافهين يولون للكتابات السخيفة اهتماما فيتفاعلون معها حتى وإن كان في صورة انتقاد لها؟ أي أن هذا المعلق يجعل وجود القارىء التافه سببا في وجود الكاتب التافه، فمن وجهة نظره أن ذائقة القراء هي التي توجه الكاتب فيرتقي بعطائه أو ينخفض حسب مستواها، وطالما كانت غاية الكاتب القبول لدى القارىء فإنه سيسعى إلى إرضائه بكل الصور. وبحسب تعبيره ( كما تكونوا يكتب لكم)، بمعنى آخر لو أن الوعي كان مرتفعا لدى القارىء ولم يأبه بالتافه من المواضيع فإن الكاتب سيضطر إلى الارتقاء بما يكتب ليماثل رقي القارىء والعكس أيضا صحيح. إلا أني أجدني أختلف تماما مع هذا الرأي، فهو قول لا يصدق سوى على الكاتب الذي لا يحمل رسالة وليس له أي رؤية أو غاية يبتغيها سوى بلوغ الشهرة عن طريق تملق القراء، وهذا النوع من الكتاب تافه في حقيقته، أما الكاتب الجاد المؤمن بمهمته والمحترم لعمله فإنه لن يسعى إلى أن يجعل من نفسه ريشة في مهب ذائقة القارىء، يرتقي وينخفض بحسب ما يمليه عليه، وإنما سيعمل على أن يكون هو الموجه للقارىء فيجعله يسير معه إلى حيث يريد هو. ومع ذلك، فإن اللوم لا يوجه كله للكاتب التافه، فالصحافة لا تخلو من المسؤولية، الصحافة لدينا للأسف لا تسعى إلى حماية كيانها من الوقوع في السخف، فتنشر كل التفاهات مهما أسف الكاتب وابتذل، وهو ما يضر بسمعتها ومكانتها ليس في الداخل وحده وإنما في العالم أيضا، فمتى صدرت إلى خارج البلاد المناوشات الصحفية التي تدور حول مواضيع سخيفة، أعطت انطباعا غير مشرف عن الصحافة والبلد وما يشغل أذهان الناس فيه من أفكار ومواضيع!!.