لعل من ثابت القول ان وحدة هذه البلاد المباركة وتماسكها.. من وحدة الأسرة المالكة الكريمة وتماسكها. ولقد مرت على هذه البلاد مواقف عصيبة تجلت فيها حكمة ولاة الأمر والتماسك الصلب للقيادة.. تأسيسا على رؤية استراتيجية تنطلق من الحرص على وحدة هذه البلاد وقوتها.. وعلى تواصل مواكب النماء والبناء في مختلف أرجائها.. في تفاعل وتناغم مع تطلعات مواطني هذه الأرض الطيبة.. الأمر الذي أثمر صورا من التلاحم الراسخ بين القيادة والشعب على مدى عقود زمنية متلاحقة شكلت جبهة صامدة في وجه المتربصين. ولقد انعكس ذلك على الواقع الأمني لهذه البلاد.. حيث أنعم المولى عز وجل عليها بنعمة الأمن والأمان وهي من أعظم النعم. وفي ظل نعمة الأمن انطلقت مشاريع التنمية في مختلف أنحاء المملكة بناء للإنسان وإعمارا للمكان. يحدث هذا في بلادنا الغالية.. في وقت نشاهد من حولنا مشاهد القتل والدمار ونرى صورا بشعة لإهدار الإنسانية.. قيمة وحياة. وفي إطار منهجية الثبات وحكمة الرؤية للقيادة.. أصدر خادم الحرمين الشريفين مؤخرا أمره الكريم بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز وليا لولي العهد. ليعكس القرار حرصا على مصلحة الوطن والمواطن حاضرا ومستقبلا.. ويؤكد مجددا أن المملكة قادرة على الاختيار الأمثل في هياكل الدولة القيادية. كما يؤكد القرار بجلاء أن الاختيار يتم بناء على القدرة والأهلية.. حيث يتم اختيار الأصلح للبلاد والعباد.. ولا يعتمد فقط على معيار «التراتبية العمرية». وهذا ما نصت عليه المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم الصادر في عام 1412ه.. وسمو الأمير مقرن بن عبد العزيز بنيت شخصيته من خلال تأهيل علمي وعسكري ورصيد ثري من التجربة حيث يجمع بين الخبرة العملية العسكرية والمدنية الإدارية.. إلى جانب إجادته ثلاث لغات. فلقد تولى إمارة منطقة حائل وحقق فيها العديد من الإنجازات. وتشرف بإمارة منطقة المدينةالمنورة فواصل إنجازاته فيها.. وترك مكانا أثيرا في نفوس أهالي منطقة المدينة الذين أحبهم فأحبوه.. وودعوه بالحزن والدموع.. ولازالوا يذكرونه بالحب والخير. فمن سمات الأمير مقرن البساطة والتواضع والبشاشة والصراحة في القول. سبق أن كتبت عن صراحة الأمير مقرن في مقال لي بهذه الجريدة بعنوان: (صراحة الأمير مقرن وسلبيات نظام ساهر ).. قال الأمير عن نظام ساهر ما نصه: «أخبرت القائمين عليه إذا كان القصد من هذا النظام زيادة حصيلة وزارة المالية منه فهذا أمر آخر أما إذا كان الهدف من النظام هو سلامة المواطن فيجب توضيح مواقع الكاميرات أمام السائقين». هذا نموذج لصراحة الأمير مقرن المعروفة. ولقد تميز الأمير مقرن بمواكبته الواعية لتطورات العصر وبإيمانه الكبير بتقنية المعلومات حيث يعد من الرواد في التطبيقات الاليكترونية.. ولقد جعل منطقة المدينةالمنورة في مقدمة مناطق المملكة في مجال الحكومة الاليكترونية إبان توليه الإمارة. وعندما تولى رئاسة الاستخبارات طور أهدافها بتبني مفهوم الأمن الشمولي.. حيث كان يردد القول بأن الأمن لا يتجزأ نظرا لترابط تداعياته.. وعمل على كسر الحواجز بين الاستخبارات والمجتمع. وقامت الاستخبارات لأول مرة بتنظيم مؤتمر ضخم عن (تقنية المعلومات والأمن الوطني) في بادرة جديدة وتحول حضاري لهذا الجهاز الهام. وفي جميع المواقع التي تولاها الأمير مقرن.. كان يعمل وفق منهجية علمية وفي تفاعل مستمر مع المستجدات والتطورات.. معلنا محاربته للبيروقراطية وحرصه على التطوير الإداري المنهجي. لننظر ماذا قال الأمير مقرن عقب تعيينه.. قال: «المواطن ثم المواطن ثم المواطن. إنها ثقة كريمة شرفني بها خادم الحرمين الشريفين وأسعى لخدمة المواطن والوطن في ظل توجيهاته وسمو ولي عهده الأمين». وقال: «لا أستغني أبدا عن النصيحة والمشورة من أبناء شعبي الحبيب». وختاما، لا نملك إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق الأمير مقرن في مهامه الجديدة بما فيه خير الدين والوطن والمواطن.