فشل الأمريكيون بعد 39 لقاء عقدها الوزير الأمريكي جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأقل قليلا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تحقيق أي إنجاز، وترك الساحة لمبعوثه مارتين انديك الذي فشل هو الآخر بعد تسع ساعات من النقاش مع الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي ليل الأربعاء الماضي من التوصل إلى تسوية حول تمديد المفاوضات التي لم تكن موجودة أصلا، وإنما كانت عبارة عن مفاوضات غير مباشرة كان مكوكها الوزير الأمريكي الذي اشتهر بأنه حيوان سياسي ويستطيع إدارة جلسة محادثات لأكثر من خمس ساعات دون كلل. وكان كيري قال ذات مرة في وقت سابق إنه لا يستسلم بعد أن يدس أنفه في مسألة فإنه يثابر ولا يتراجع، لكنه في الحالة الأخيرة بدا مستسلما وترك للجانبين مهمة التخاطب لحل القضايا التي تعيق المضي قدما في المفاوضات وإن كانت غير مباشرة. من جانبه يبدو نتنياهو وكأنه حقق إنجازا برفضه الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى وهو الرفض الذي أدى إلى توقيع الرئيس الفلسطيني على خمسة عشر طلب انضمام إلى منظمات دولية أغلبها حقوقي. ويقال إن الاستخفاف الأمريكي والإسرائيلي بالمطالب الفلسطينية هو ما دفع أبو مازن إلى هذه الخطوة الأولية التي قد تليها خطوات أخرى للانضمام إلى منظمات الأممالمتحدة ما يعني أن السلطة الفلسطينية تتحول تلقائيا إلى دولة تحت الاحتلال تنطبق عليها وعلى أرضها وشعبها المواثيق الدولية ويمكنها ملاحقة الاحتلال وقادته وضباطه جزائيا في المحافل الدولية. في الجلسة الأخيرة للمجلس الثوري لحركة فتح قال أبو مازن لقد بلغت تسعا وسبعين سنة ولا أريد أن أختم حياتي بالخيانة. وأمام التهديدات الإسرائيلية المتلاحقة له والضغوط الأمريكية المتواصلة أبلغ أبو مازن الوزير كيري أنه لن يقبل بالإملاءات الإسرائيلية حتى لو استشهد. وقد هدد الوفد الإسرائيلي نظيره الفلسطيني في جلسة ليل الأربعاء التي استمرت حتى الرابعة صباحا بسلسلة من العقوبات على السلطة والشعب الفلسطيني، لكن الجانب الفلسطيني فاجأهم بشروط مضادة، وحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية فإن تبعيات انضمام دولة فلسطين للمنظمات الدولية كافة من شأنه أن يحاصر إسرائيل وقادتها وضباطها وهو ما لم يأخذه القادة السياسيون بعين الاعتبار، لأنهم كمن يلقي بالعبء على الولاياتالمتحدة التي ستتولى الدفاع عن إسرائيل حتى تبقى فوق القانون الدولي ولا تخضع للمساءلة، فإسرائيل مطمئنة وهي تتمسك بعدم الإفراج عن عشرات الأسرى أنها ستبقى تحت المظلة الأمريكية. ولعلنا هنا نتساءل كيف يمكن تحرير ملايين الفلسطينيين وأرضهم من الاحتلال طالما أن تحرير 26 أسيرا شهد مثل هذا الصدام السياسي؟ يبقى أن نقول إن لإسرائيل عمقا إستراتيجيا أمريكيا، فأين العمق الإستراتيجي العربي لفلسطين!