لا أراني أقلل من حجم أي قضية أو مظلمة يحتاج صاحبها الحنجرة الواسعة (القنوات الفضائية والإعلام الجديد) التي يمكن أن يصل من خلالها إلى أسماع الناس وأعينهم وأفئدتهم بمختلف الأماكن وفي كل اللحظات.. كذلك لا أراني أقلل من حرقة تدور داخل رئة مظلوم، وحزن يطوف في صدر مكلوم، وحق مضيع لإنسان تعب في اتساع الطرق التي تتشعب أفقيا وعاموديا مع المراجعات والمرادات. لكن حين تتشابه الأصوات التي تتحدث عن المشكلة، وترتفع بعض البرامج على ذات التشابه، دون حراك مستقل وتأمل فاعل للعمق الذي قد يفصل بينها وبين لعبة شد الانتباه؛ يكون مرد الأمر ومنتهاه محمولا على رغبة ارتفاع الإثارة إلى حد ضجيج الشارع، وامتلاء الأثر الذي يحتفظ بخطوات المشكلة منذ بدئها حتى نهاية العرض المحدد بزمن لا انتهاء القضية المفتوحة دون زمن! هذه المشاهد التي تعرض بين طرفة عين وانتباهتها وتغيب كذلك بين ذات الطرفة والانتباهة هي في محصلتها أو صورتها الأوسع ملهاة كبيرة أكثر من كونها مدرجة حق وبيان موقف. خاصة حينما تكون معدة بطريقة الاعتماد على الحلقة الأضعف والتركيز على ظهورها بشكل مشوه ومرتبك تبعا للأصوات التي تفيض وتنسكب بتكرار يدور مع الحلقات بعضها يحمل على الحاجة وبعضها يجيء تحت الطلب. لازلت أؤكد بأني لست ضد حضور الصوت الموجوع في أي برنامج حتى وإن ازدحم بالدعايات وغلبت عليه فواصل الإعلان الاستثمارية؛ بقدر ما أجدني ضد طريقة التناول التي تغيب عنها المهنية وتصل إضاءات المشهد المصور فيها إلى اختباء الكاميرا بطريقة متجاوزة داخل الثياب والدخول إلى بعض الأماكن على شكل خبط عشواء من تصب.. كل ذلك في سبيل الدوران حول قضية مكشوفة في الأصل، يرفض المتحكم بعدسة التصوير فتح باب الحديث مع السؤال الأهم الذي جاءت المشكلة بناء عليه أو الاتصال بالرقم الأول الذي يمكن أن تنتهي معه الحلقة في دقيقتين!