قضينا عيد الأضحى المبارك وفضائل العشر الأولى من ذي الحجة لمن اجتهد في أعمالها المستحبة، في موسم من مواسم الطاعات، بينما أدى حجاج بيت الله الحرام المناسك في أجواء من الأمن والطمأنينة، وقد عظموا شعائر الله والوقوف بعرفات الله ونالوا فضله العظيم حيث تسكب الدموع والعبرات راجين منه سبحانه وتعالى العفو والمغفرة والعتق من النار، نسأله سبحانه القبول للجميع وعودة الحجيج إلى بلادهم وديارهم وقد فازوا بالحج المبرور والذنب المغفور. إن مواسم الطاعات كثيرة من رمضان إلى رمضان، وفريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلا، والصلوات المكتوبة والسنن والنوافل من العبادات والطاعات ما يزكي النفس ويطهرها من أدران الحياة الدنيا وعوالقها. وهنا يأتي السؤال: ماذا بعد هذا الموسم العظيم لمن كتب الله له الحج، ولمن نال فضل الصيام؟. إن مواسم الخير لا تنتهي بانتهاء أيامها المباركة وإنما موصولة لمن سعى في حياته بإخلاص إلى فضائل العبادات والطاعات للفوز في الدنيا والآخرة. وهي ليست كما يظن البعض من أهل الغفلة، بمثابة مناسبات ومحطات يتوقف فيها الإنسان ثم يعود إلى حياة اللهو فيثقل ميزانه من جديد بالذنوب والمعاصي، ويا للعجب والأسف نجد سلوكيات سلبية في مجتمعاتنا المسلمة، بينما نراها منبوذة في مجتمعات أخرى، من غيبة ونميمة ومكائد وغير ذلك من مخالفات للشرع والأنظمة. الحمد لله، الخير دائما في الدين الحنيف وتعاليمه وقيمه في العبادات والمعاملات، وهنا أعود للسؤال: ماذا بعد الحج ؟، قال تعالى: « وإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا» وفي الصلاة قال تعالى: « إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون» والصيام يغرس تقوى الله في القلوب في قوله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون » والزكاة تطهر المسلم من البخل والشح وتطفئ غضب الله تعالى.. كل هذه مواطن ومواسم خير موصولة وعلى المسلم اغتنامها بالإخلاص في العبادات والإقبال على الطاعات وعمل الصالحات، فما أحوجنا إلى النهل من هذا النبع العظيم للتقوى، بحفظ الجوارح وحسن الأخلاق والمعاملة . وقانا الله شر الغفلة ووفقنا إلى طاعته.. وكل عام وأنتم بخير.