على الرغم من مرور عدة أعوام على بدء العمل في إنشاء المدينة الصناعية في جازان، إلا أن الواقع على الأرض لا يوحي بأن هناك مدينة يمكن أن تنبت هناك، فلا مصانع ولا خدمات تسبق الإنشاء وتجذب المستثمرين. وكشفت جولة «عكاظ» في المدينة الناشئة أن واقع المدينة لم يكن على مستوى التوقع فالمدينة والتي تقع على بعد 55 كم شرقي مدينة جازان، والواقعة بين محافظتي أبو عريش والعارضة خالية من أي مقومات باستثناء بعض الطرق المسفلتة في جزء من المدينة وليس كلها. ويلفت النظر في الموقع الجسر الذي تم إنشاؤه بمبلغ 91 مليون ريال حسب بيان هيئة المدن الصناعية، حتى يخيل للمرء أنه سيجد مدينة صناعية متطورة تدهشك مصانعها، لكن ما تلج المدينة حتى يلفت انتباهك خلوها من المصانع باستثناء مصنع صغير يعمل في إعادة تهيئة السفن والقوارب التالفة حسب قول أحد العاملين في المصنع، فيما تخلو المساحة المتبقية من أي مشهد تفاؤل بوجود مصانع أخرى سوى بعض الحفريات المتفرقة من موقع إلى آخر. بعد أن أصابنا الإحباط من وضع المدينة بحثنا عن الصناعيين في المنطقة لنتعرف منهم على المعوقات التي تواجه إنشاء صناعة متميزة تلبي حاجة المستهلك في منطقة جازان وتصدر الفائض إلى اليمن والدول الإفريقية، واستغلال المزايا المتوفرة في المنطقة، ومنها المنفذ البحري المتمثل في ميناء جازان الذي يعتبر من أكبر الموانئ على مستوى المملكة، إضافة إلى قرب المملكة من الحدود اليمنية، ما يسهل من إنشاء منطقة تبادل تجاري حر فيها وهو ما يسهم في تنشيط الحركة التجارية في المنطقة وجذب المستثمرين إلى جازان. ويرى المعنيون بالصناعة أن المستثمر يريد من يأخذ بيده ليأتي إلى المنطقة حتى تكون الصورة أمامه واضحة، مشيرين إلى أن المنطقة مقبلة على نهضة كبيرة، ولديها الكثير من المزايا النسبية، خصوصا في الزراعة والاستزراع السمكي، وكذلك جبل الملح الذي يمكن أن تنشأ عليه صناعة تتعلق بالملح، كما توجد في المنطقة الكثير من المعادن، يمكن تنشأ عليها صناعة تعدينية متقدمة. من جهته علق عدد من رجال الأعمال في المنطقة عن مشروع المدينة الصناعية بجازان حيث قال محمد هادي إنه لا توجد صناعية في المنطقة بالشكل المتعارف عليه والصناعات الموجودة متأخرة جدا، ولا ترقى أن يطلق عليها صناعة لتكون رافد اقتصاديا مهما، فالمصانع الموجودة في جازان عددها قليل جداً ولا تخدم المنطقة وأهلها بالشكل المرضي. ويضيف هناك مشكلة أخرى تتمثل في غياب الاستراتيجية، فلم يتم التعميم على المعنيين في الغرف التجارية بطلب عرض الأفكار واحتضان رجال الأعمال. ويضيف: على حد علمي، فإن سوء الإدارة له انعكاساته السلبية التي أدت إلى إضعاف دور الصناعة وعدم الاهتمام بالصناعات، كونها من المقومات الاقتصادية التي تحتاجها المنطقة. ويرى رجل الأعمال عمر حكمي أن منطقة جازان تمتاز بعدد من الفرص الاستثمارية التي تدعم مشاركة القطاع الخاص في مختلف مجالات التنمية وتشجيع رجال الأعمال وطالبي الاستثمار على الدخول لهذه المجالات ومن تلك الصناعات التي يتأكد نجاحها في المنطقة أنواع تصنيعية مختلفة منها: صناعة المنتجات الغذائية، صناعة منتجات البلاستيك، صناعة المنتجات المعدنية، صناعة المنتجات الكيميائية، صناعة البناء والتشييد، وصناعة المنتجات الورقية، مطالبا بتسهيل الإجراءات على المستثمرين وإعطائهم وسائل جذب إلى المنطقة حتى تنتعش المنطقة اقتصاديا. وأوضح ل «عكاظ» أمين الغرفة التجارية الصناعية في جازان المهندس أحمد القنفذي أن المدينة الصناعية في جازان تشهد إقبالا من قبل المستثمرين حيث تم حتى الآن بناء أربعة مصانع بها منها مصنعان تم الانتهاء منهما، فيما الأخرى تحت الإنشاء. وأضاف أنه تم اعتماد مؤخرا 21 مصنعا من قبل هيئة المدن الصناعية، والمنطقة تشهد طفرة كبيرة في المجال الصناعي خاصة مع بدء العمل في مصفاة جازان ومدينة جازان الاقتصادية، وقد تم إنشاء عدد من المصانع في مجال الحديد والمعادن في المنطقة. ويضيف القنفذي أن مقومات الصناعة موجودة في المنطقة وأن الغرفة التجارية الصناعية بجازان أعدت دراسة لأوجه الاستثمار الصناعي في المنطقة وهي متاحة للجميع ويمكن الاستفادة منها.