لا بد أن يكون في بداية ترسية أي مشروع سواء اتفاقية أو عملية أو نشاط بأن يكون مقيدا بتاريخ بداية ونهاية للمشروع، وإن كنا نجد أن البعض يظن بأن المشروع ليس له نهاية ولكن في ظل تقدم التقنيات والاختراعات وتسارع وتيرة العوامل والتغيرات الاقتصادية بين الدول، لا بد من المؤكد أن لكل مشروع نهاية ما لم تكن هناك إدارة لتطوير الأعمال لمواكبة التغيير التكنولوجي والجغرافي والسياسي. حيث تعد المشاريع الاسترتيجية للدول، والتي تقوم بدراستها وتقييمها بعض الوزارات المعنية للدولة في مقدمة هذه المشاريع ونعني بها التي يتوقع منها أن تعود على المدى الطويل بالنفع والفائدة على الدولة، ويكون النفع ذا فائدة عالية سواء كانت مادية أو بشرية، كما تمتاز المشاريع الاستراتيجية بأن مدة بقائها أطول من المشاريع الاعتيادية، ودائما ما تكون قابلة للتطور وتتفرع منها عدة مشاريع تابعة. ونرى بأنه يتم التأكد من وضع وتقييم المشاريع الاستراتيجية للدولة إذا توفرت خمسة عناصر مهمة، وهي توفير القطاع العام أو الوزارة للبنية التحتية من معلومات ومواقع جغرافية تكون مناسبة أو تتميز بتكتلات وتكنولوجيا، ووضع السياسات اللازمة والإجراءات وتنفيذها. والعنصر الثاني هو الاستفادة من القدرة المعلوماتية والمالية للقطاع الخاص وربط معلوماتها فيما بينها من جهة ومع معلومات القطاع العام من جهة أخرى. ومن العناصر أيضا تواصل المجتمع المدني مع المشاريع ونشر ثقافته، كما أن للدور الإقليمي وتعاونه الكثير من الدوافع لنجاح المشروع من خلال استحضار الخبرات والتجارب الدولية. وأخيرا، تمويل القطاع المالي والبنوك فإذا اكتملت العناصر أعلاه كان من الطبيعي نجاح المشروع الاستراتيجي. وعندما أعلن مسبقا المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، عن دراسة تجرى لإنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج المواد البتروكيماوية من النفط الخام دون الحاجة إلى بناء مصفاة تقليدية لتكرير البترول في مدينة ينبع الصناعية بالتعاون مع سابك، كان من المؤكد بصورة واضحة توافر جميع العناصر الداعمة للمشروع كما أسلفنا سابقا، فوزارة البترول والثروة المعدنية بالشراكة مع شركة أرامكو السعودية وفرت كل ما تسمو إليه المشاريع الاستراتيجية من لوائح وسياسات واضحة على أعلى مستوى منذ عقود، مما أدى إلى تواجد جميع الخبرات المحلية من شركات وطنية ورجال أعمال أدى إلى توظيف مئات الآلاف من السعوديين ودعمها بالخبرات الدولية لتقديم وبحث عن كل ما هو جديد في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية ومن ضمنها شركات سوميتومو اليابانية، وسينوبك الصينية وتوتال الفرنسية وشركة داو الأمريكية. وأختم بأنه من المطلوب في الفترة الحالية في ظل قوة اقتصادنا المعتمد على هذه الوزارة أن تقوم باقي الوزارات ببحث العناصر الداعمة للمشاريع الاستراتيجية قبل البدء بها ووضع سياسات جيدة لنجاحها نظرا لحاجتنا إلى بدائل وإن كانت على المدى البعيد، ولكننا لن نحتاج الآن إلى الدخل السريع القصير المدى بل نحتاج إلى الدخل البعيد وطويل الأجل نحو دولة مستقرة تعتمد على ذاتها إلى مئات السنين.