لم يجد سكان قرية الخليلة بمحافظة هروب شرق منطقة جازان، حلاً لتضميد جرحهم من طول انتظار تنفيذ طريق جبل القفارة، سوى بحمل متاعهم على رؤوسهم، وتحمل السير لمسافة تصل إلى ثلاثة كيلو مترات، علهم يصلون إلى طريق مستو يجدون فيه سيارة تنقلهم إلى حيث وجهتهم. فالطريق رغم أنه بات في ذمة شركة تولت العمل فيه من أجل تنفيذه لربط القرية بغيرها من القرى والمدن، إلا أنه ظل على حاله، وواصل الأهالي انقطاعهم عما عداهم، وكأن شيئا لم يتغير. ويستيقظ الأهالي صباح كل يوم على سيناريو الصخور المتساقطة والأتربة المتصاعدة في الجبل مخلفة وراءها دماراً هائلاً في الممتلكات والمزارع دون نتيجة تذكر لفتح الطريق ولم تجد صرخات الأهالي ومطالباتهم المستمرة نفعاً في إيجاد حل لمعاناتهم مع الشركة المنفذة وإدارة الطرق بجازان التي لم تستمع لشكواهم فهم محاصرون ومجبرون على ملازمة منازلهم منذ أكثر من عام ونصف العام، والأهالي يعيشون معزولين عن باقي قرى المحافظة وخارج جميع نطاق الخدمات. وفيما وقفت «عكاظ» على واقعة جبل القفارة في هروب، أكد علي محمد الهروبي بنبرة حزن قائلاً إن قرية الخليلة بهروب تغرد خارج السرب بعد أن جعلت الشركة المنفذة للطريق كل شيء مستحيلا، فتوقفت الخدمات وتعثرت المشاريع وأصبح الأهالي في حيرة من أمرهم بعد أن وقفت الدوائر الحكومية عاجزة عن حل مشكلتهم مع الطريق، والشركة المنفذة التي سحقت مزرعته بالكامل وأضحت أثراً بعد عين، ألا يكفي أن الأهالي يتسلقون الجبال للوصول إلى منازلهم في مشهد درامي قل ما تجده في أي مكان بالعالم. ويذكر علي جابر الهروبي أن مزرعته كانت هي الدخل الوحيد لأسرته ويبيع ما يحصل خلالها من منتجات كالبن والموز والرمان والأشجار العطرية، ولكنها تبددت ولم يعد لها أثر بعد أن أجهزت عليها الشركة ودمرتها بالكامل، مشيرا إلى أن أعمدة الكهرباء هي الأخرى لم تسلم من الدمار والأذى، وتحطم بعضها، كما طمرت الأتربة والصخور أجزاء منها مما جعل التيار الكهربائي ينقطع لأيام عديدة ويعيش الأهالي في ظلام دامس. وتتفاقم المعاناة بشأن المرضى في القرية، والذين يعيشون قصة مأساوية، حسب قول جابر الهروبي، مضيفا أنه لا يستطيع توفير حقن السكر، وأحيانا تصله متأخرة كما أنهم لا يستطيعون نقل مريضهم للمستشفى سوى بنقلهم على الأكتاف، مبينا أن المستشفى الوحيد يبعد عنهم أكثر من 90 كم، رغم مطالباتهم بفتح مركز صحي للاستفادة منه خصوصا في الحالات التي لا تحتمل التأخير، ولكن دون جدوى، مشيرا إلى أن كبار السن والعاجزين يظلون في منازلهم لأشهر عديدة، ولا يستطيعون الخروج والتواصل مع ذويهم بسبب عدم وجود طريق يسهل تنقلهم على المركبات ذات الدفع الرباعي لأنها الوحيدة القادرة على السير في الجبل. وذكر يحيى الهروبي أن أبناءه ينقطعون عن الدراسة لفترة تصل لعشرة أيام متتالية بسبب انقطاع الطريق وخاصة وقت هطول الأمطار، داعيا الجهات المسؤولة بالتدخل وحل معاناتهم مع الطريق في أسرع وقت. وأوضح وكيل محافظة هروب والناطق الإعلامي للمحافظة محمد الجعفري أن المشروع تم على مرحلتين، الأولى كانت باستلام إحدى الشركات التي أحدثت مشاكل بسبب عدم احترامها لحرمة الموتى وانتشالها القبور، مهمشة جميع التوجيهات والشكاوى ضدها ثم بعدها تم إيقافها بسبب عدم التزامها بالمهنية والعمل من قِبل إدارة الطرق. وبين إنه في المرحلة الثانية قبل عام استلمت شركة أخرى المشروع مسببة دماراً لقرية الخليلة بمواطنيها والمنازل والمزارع دون مبالاة، ورفع مركز هروب بدوره خطابا إلى إدارة الطرق ولكن دون تجاوب أيضاً من الإدارة وتم مخاطبة محافظة العيدابي كون مركز هروب تابعاً لها في السابق، وعقدت اجتماعات عدة لمناقشة هذا التهديد لقرية الخليلة والرفع بذلك للإمارة. وأضاف نحيطكم علماً بأن الشركة توجهت إلى قمة جبل نعمة الذي هو من أفضل القمم السياحية في منطقة جازان لوجود التنوع النباتي والأودية المحيطة والجميع متخوف من هذه الشركة عدوة البيئة، وبالرغم من الاتفاق معهم لنقل الدمار ومخلفات المشروع إلى الجهة الأخرى بوادي قصي لوجود مساحة شاسعة، ولا يوجد حوله منازل ومزارع إلا أن الشركة أيضاً لم تتجاوب وذلك أرغمنا على توجيه معدة (بلدوزر) نهاية كل يوم لتنظيف الطرق من الصخور لمدة ست ساعات تبدأ من السادسة مساءً بمساعدة المواطنين ولكن المشكلة تتفاقم كل يوم بشكل أكبر والجميع لا يستطيع حل هذه المشكلة بسبب عدم تجاوب إدارة الطرق بالمنطقة.