أن تشكل طائرة ياسر بدون طيار تهديدا أمنيا لبعض القيادات اللبنانية وانتهاكا للأجواء اللبنانية وخرقا للقوانين المنظمة للملاحة الجوية أمر واضح وصريح.. لكن أن يحاول نظام ولاية الفقيه في طهران وأعوانه في لبنان تسويق قوتهم العسكرية والتكنولوجية في بيئتهم الحاضنة باستعراض تلك الطلعات الجوية لطائرة ياسر فوق معراب فهو أمر مثير للسخرية خاصة للعارفين في التطورات التكنولوجية. إن هذه الإرادة والمثابرة التي يتباهى بها هؤلاء الذين يسمون أنفسهم ممانعين ومقاومين ماهي إلا حملات إعلامية لرفع معنويات أو تخويف صغار العقول. إن قضية امتلاك طائرة كياسر وتشغيلها بسبب تدني أسعار تكنولوجية القرن الماضي لا يشكل تفوقا نوعيا لولاية قم في طهران إلا إذا كان نسخ الشكل الانسيابي لطائرة بوينغ «سكان ايغل» يتطلب أن يجتمع علماء إيران في مواجهة الهواة لهذه الألعاب. إن تقنية الطائرات بدون طيار اليوم تشهد انتشارا واسعا في العالم فأكثر من 154 دولة هي إما مصنعة أو مشترية أو مشاركة في إنتاج تلك الطائرات على المستوى الأمني والعسكري وحتى أصبح لمنتجي الألعاب نسخ من تلك الطائرات قادرة على الطيران بشكل شبه آلي بجانب مقدرتها على التصوير وهي موجودة الآن في الأسواق. كما يقوم الكثير من الهواة اليوم ببيع نماذجهم على صفحات التواصل الاجتماعي وتسويق الأفلام الملتقطة بطائراتهم على اليوتيوب والبارز أن بعض طائراتهم قادرة على الطيران لساعات ولمسافات تتعدى ال 20 ميلا وحتى مع أنظمة رؤية ليلية.. والشكر إلى انتشار تلك التقنية يعود إلى الهواتف الذكية المحمولة والتي يتملكها اليوم معظم سكان الأرض فتلك الهواتف أتاحت لأي إنسان أن يمتلك المقدرة الحسابية والبرمجية والأنظمة الملاحية (جي بي أس وجايروميتر وغيرها من المجسات) التي تشكل التقنية الأساسية التي تحتاجها أي طائرة بدون طيار لتنفيذ طلعات شبه آلية وبسعر بخس. كما أن معظم تلك الطائرات تعتمد على التحليق الشراعي فمحركاتها صغيرة سهلة التصنيع ومتوفرة في كل أرجاء العالم فمثلا طائر رابتور الأمريكية المعروفة التي استعملت في استهداف قيادي تنظيم القاعدة في أفغانستان واليمن وباكستان تتخذ محرك 3 إسطوانات ديزل معدل يستعمل في محرك للجيت سكي. لكن أين هي التقنية الحقيقية التي تسجل تفوقا تكنولوجيا في صناعة تلك الطائرات؟، الحقيقة تكمن في ثلاثة أمور هي في البنية التحتية لشبكة الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي التي تمتلكها دولة كالولايات المتحدةالأمريكية والأنظمة البصرية المتطورة كنظام أرغوس الأمريكي ذي 1،8 مليون ميغا بيكسل والتسليح من صواريخ فعالة وخفيفة تستطيع أن تحملها تلك الطائرات مثل صورايخ هيل فاير الأمريكية. فإلى يومنا هذا لم تستعرض دولة الولاية في قم طهران ولا حتى روسيا وكوريا الشمالية وسوريا بنيتها التحتية وتفوقها في نظم الاتصالات وتحديد المواقع إلا إذا كانت شبكة حزب الله الأرضية المقصودة في استعراض هذا التفوق أو نظام التليكس الذي قد تكون طورته قوات الأسد. ومن ناحية الأنظمة البصرية فروسيا التي تعتبر الأب الشرعي للتكنولوجيا الإيرانية وأخواتها لم تستطع إلى يومنا هذا تطوير أنظمة بصرية لأسلحتها فإنها وجدت نفسها مضطرة في نهاية المطاف إلى أن تشتري أنظمة بصرية من فرنسا لطائرتها التي تعمل بدون طيار.. أما فيما يتعلق بالصواريخ الفعالة والخفيفة فنترك سرها للخطاب القادم لسيد حسن (باللهجة الجنوبية) نصر الله الذي قد يكشف آخر الابتكارات اللفظية في هذا الموضوع.