أعلنت إيران أمس، «اصطياد» طائرة استطلاع أميركية كانت تنفذ «مهمة تجسس» في أجوائها، لكن واشنطن نفت فقدانها أي طائرة بلا طيار أخيراً. ولفتت مصادر في طهران إلى تعمّد السلطات الإيرانية إعلان اقتناص الطائرة امس، إذ يتزامن مع الذكرى الأولى لإعلانها إسقاط طائرة استطلاع أميركية أخرى، في 4 كانون الأول (ديسمبر) 2011. ورأت في ذلك مؤشراً إلى رغبة القيادة الإيرانية في توجيه «رسالة واضحة تتضمن تأكيداً لقدرة ايران على تغيير قواعد الاشتباك في المناطق التي يتواجد فيها الجانبان»، الإيراني والأميركي. وأشارت إلى أن طهران «تريد اعتراف الولاياتالمتحدة بقدراتها الإقليمية، في إطار استراتيجية هجومية جديدة، لتغيير الوضع التفاوضي المحتمل مع الغرب» حول ملفها النووي. وقال قائد البحرية في «الحرس الثوري» الأميرال علي فدوي إن قواته «اقتنصت طائرة أميركية من دون طيار قبل أيام، كانت في مهمة تجسسية في الخليج، لرصد معلومات وجمعها، فور انتهاكها الأجواء الإيرانية». وزاد أن «الوحدات الدفاعية والمنظومات البحرية في الحرس، اصطادت الطائرة التي أُنزِلت وهي الآن في يدي قواتنا». وأشار إلى أن «الطائرة هي من طراز سكان إيغل، وتنطلق عادة من السفن العملاقة»، مشدداً على «جاهزية بحرية الحرس لتنفيذ مهماتها، وتفوقها المعلوماتي الشامل في الخليج ومضيق هرمز». ولم يحدّد فدوي مكان «اصطياد» الطائرة، وزمانه، فيما بثّ التلفزيون الإيراني صوراً أعلن أنها للطائرة وهي رمادية اللون وتبدو في حال سليمة، وكان يتفحصها عضوان في «الحرس»، تحت لافتة كُتب عليها بالإنكليزية والفارسية «سنسحق الولاياتالمتحدة». وقالت مصادر في طهران ل «الحياة» إن المنظومة الإلكترونية التابعة ل «الحرس» اخترقت الترددات الإلكترونية للطائرة، بعد رصدها، وسيطرت عليها، وأنزلتها في قاعدة تابعة للبحرية في «الحرس». وأشار النائب إسماعيل كوثري عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني إلى أن «الطائرة المتطورة جداً هبطت بسلام»، معتبراً أن «إنزالها يشكل رسالة تحذير واضحة للقوات الأميركية المعتدية، كي لا تفكر مجدداً بالاقتراب من حدودنا، كما يجسد قدرة الحرس الثوري التي تستند إلى تكنولوجيا متطورة، وتحطيم جبروت التكنولوجيا الأميركية». وأعلن «تجهيز القوات الإيرانية بتقنيات متطورة، لا يمكن للأميركيين والغربيين تصوّرها». أما وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي فذكر أن الطائرة دليل على الانتهاكات الأميركية، ستستخدمه طهران في شكوى تقدمها «أمام هيئات دولية». وأقرّ ناطق باسم الأسطول الخامس الأميركي بفقدان طائرات بلا طيار من طراز «سكان إيغل» في البحر خلال السنوات الماضية، مستدركاً: «لم نفقد شيئاً طيلة أشهر. البحرية الأميركية تعلم في شكل كامل أماكن طائراتها التي تعمل بلا طيارين في الشرق الأوسط». ونفى انتهاك الأجواء الإيرانية، قائلاً: «عملياتنا في الخليج تتوافق مع القانون الدولي». وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن دولاً في المنطقة، بينها الإمارات، تملك طائرة «سكان إيغل». وإذا صحّ الإعلان الإيراني عن «اصطياد» الطائرة، يكون ذلك ثالث حادث بين ايران وطائرات استطلاع أميركية، في السنتين الماضيتين، إذ أطلقت مقاتلات إيرانية النار على طائرة من دون طيار أميركية من طراز «بريداتور»، في 1 تشرين الثاني (نوفمبر)، اتهمتها طهران بانتهاك أجوائها، لكن واشنطن أكدت أن الطائرة التي لم تُصب بأضرار، كانت تحلّق في المجال الجوي الدولي. وبعد أيام على الحادث، اتهمت ايرانالولاياتالمتحدة بانتهاك مجالها الجوي بطائرات بلا طيار، 7 مرات في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واحتجت رسمياً لدى مجلس الأمن. وفي 4 كانون الأول 2011، أعلنت طهران إنزال طائرة أميركية من دون طيار من طراز «آر كيو-170 سنتينل»، خلال «مهمة تجسس» شرق ايران. وأعلن قادة عسكريون إيرانيون نسخ معلومات تكنولوجية مهمة من الطائرة. على صعيد آخر، كرر الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست أن جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى الإماراتية التي تحتلها طهران، «كانت وستبقى جزءاً لا يتجزأ من أراضينا». وأضاف: «تكرار المطالب التي بلا أساس، لن يؤثر في الحقيقة. والحديث عن هذه المشاكل التي توجد توترات، لن يساعد العلاقات» مع الإمارات. وأكد أن ايران «لا تمانع في تطوير علاقاتها الودية مع بلدان الخليج، وترحب بمفاوضات (معها) لتسوية الخلافات». وكان الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان دعا «الحكومة الإيرانية إلى الحوار أو التحكيم الدولي لتسوية مسألة» الجزر.