رغم التوسع في البناء والتعمير الذي شهدته مختلف مناطق المملكة في السنوات الماضية، تزامنا مع الطلب المتزايد على العقارات بغرض الاستثمار أو التمليك، إلا أن هذا التوسع العمراني العمودي والأفقي صاحبته عيوب فنية وهندسية في المباني المنفذة، ما ترك تساؤلات عدة حول مدى تطبيق الشروط العامة لأنظمة البناء، والتقيد بأنظمة كود البناء السعودي.. المعايير الفنية والهندسية.. دور مراقبي الأمانة والبلديات في هذا الجانب.. ولإلقاء الضوء أكثر على ملابسات القضية تفتح «عكاظ الأسبوعية» هذا الملف الشائك وتحاور المسؤولين والخبراء وملاك العقارات. ويمثل أبرز ما يؤرق طالبي المساكن الحديثة، خاصة المتعلقة بشقق التمليك عدم وجود آلية تضمن تلافي ظهور العيوب الإنشائية في تلك الشقق بعد تملكها بفترة وجيزة، خصوصا أن هناك الكثير من الحالات التي سجلت في الفترة الماضية، وهناك سؤال مهم يطرح نفسه بقوة خاصة الهزات الأرضية التي ضربت مناطق متفرقة من المملكة.. هل هذه المباني مقاومة للزلازل وما مدى مقاومتها للعوامل والكوارث الطبيعية. ففي مخطط الحرمين شرقي جدة، والذي يعد الوجهة الرئيسية لراغبي تملك الشقق بالرغم من غلاء أسعارها، التقت «عكاظ الأسبوعية» برمزي السلمي خلال إشرافه على مبنى يعود لوالده، والذي أشار إلى بناية تم إخلاؤها من قبل الدفاع المدني بعد أن طرأت عليها عيوب هندسية وفنية، وقال السلمي «حدث هذا بعد تورط عدد من المواطنين في شراء الشقق من مقاول عربي الجنسية». وأضاف «بدأ المقاول العربي ووالدي في البناء في وقت واحد، حيث انهى المقاول بناء العمارة المكونة من أربعة أدوار في مدة لا تتجاوز العام، فيما استغرق بناء عمارة والدي عامين ونصف تقريبا»، وقال «لاحظ السكان بعد مضي سبعة أشهر من تملكهم للشقق عيوبا في التمديدات الصحية تلتها تصدعات في الجدران الداخلية والخارجية وهو ما رصدته عدسة «عكاظ الأسبوعية» على أرض الواقع خاصة في مواقف السيارات في الدور الأرضي، وأردف «أخلى الدفاع المدني السكان بالكامل لضمان سلامتهم». منازل متهالكة وفي منطقة جازان، بين عدد من الأهالي وخاصة من سكان حي العشيماء والجبل، أن المنازل الآيلة للسقوط تؤرق مضاجعهم، وتساءلوا عن مصيرهم في حال حدوث هزات أرضية على غرار تلك التي ضربت جازان في الأيام الماضية، وقالوا «نخشى انهيارها على رؤوسنا خاصة أننا لا نملك خيارا آخر أو بديلا أفضل»، وأشاروا إلى أن عمليات الهدم والإزالة تزيد من أوجاعهم وأبدوا تخوفهم من وقوع كارثة انسانية، بسبب عدم صمود هذه المنازل المتهالكة في وجه أي مؤثرات لا سمح الله. «عكاظ الأسبوعية» زارت عددا من الأحياء في المنطقة، ورصدت آليات ومعدات لجنة الإزالة وهي تشرع في إزالة المساكن المنزوعة، في الوقت الذي تتزايد مخاوف الأهالي تزامنا مع الهزات الأرضية الأخيرة التي شعر بها أهالي المنطقة، كما رصدت وتيرة الحياة داخل هذه الأحياء وسط ركام ومخلفات الهدم التي تحيط بهم من كل جانب، بعد أن أجبرتهم التعويضات على العيش في مساكن نزعت ملكيتها وآيلة للسقوط، في ظل عدم توفر مساكن بديلة بسبب قيمة التعويضات المتدنية. وطالبوا عبر «عكاظ الأسبوعية» وزارة الإسكان بمنحهم أفضلية الحصول على مسكن نظرا لضيق الحال الذي هم عليه، وابدوا ارتياحهم لقرار تقديم منطقة جازان على بقية مناطق المملكة في الحصول على مسكن، ووجهوا شكرهم لخادم الحرمين الشريفين على مكرماته لأهالي المنطقة. هدم وإزالة وأوضح المسن عبدالله سالم مرزوق، أنه يعيل 10 أفراد من راتبه التقاعدي الذي لا يتجاوز 1900 ريال، ويسكن في وقف خيري ب«المعبوج» رغم انه حصل على تعويض مالي وقطعتي أرض في عام 1426ه، ولم يتمكن من بناء مسكن لأسرته بسبب أن مبلغ التعويض لا يفي بالغرض، ما اضطره في البداية لاستئجار منزل مثله مثل بقية المجاورين له في حي العشيماء والجبل الذين نزعت ملكية مساكنهم، ويضيف «مبالغ التعويض لا تقارن بتكاليف الإنشاء، لذلك اضطر معظم المتضررين إلى بيع أراضيهم وصرف التعويض على الإيجارات المرتفعة». وزاد «أطالب وزارة الإسكان بمنح أصحاب العقارات المنزوعة خاصة سكان حي الجبل والعشيماء أفضلية في الحصول على مسكن». من جانبه بين المواطن بندر طيب، أنه ما زال يسكن هو وأسرته المكونة من خمسة أفراد في منزل وقف لفاعل خير في حي العشيماء، وقال «أنا متقاعد وأعيش ظروفا أسرية صعبة، وأطالب وزارة الإسكان بمنحي أفضلية الحصول على مسكن مع بقية جيراني المتضررين»، بدوره أكد المواطن محمد سلطان عدم كفاية مبالغ التعويض لبناء مسكن بديل، ويضيف «مبلغ التعويض والأرض التي تحصلت عليها مقابل نقل الملكية لم تمكنني من بناء منزل يؤويني وأسرتي الكبيرة والمكونة من 14 فردا، ومازلنا نعيش في العشيماء الى حين توفر مسكن بديل». وزاد «أغلب العقارات التي نزعت ملكيتها في العشيماء والجبل تمت ازالتها، وحاليا نعيش في منازل خاوية تحاصرها اكوام مخلفات الهدم والنفايات». وأشار المواطن عبدالله هادي الى أنه يسكن في منزل في حي العشيماء منزوع الملكية وآيل للسقوط، وقال «عملية الهدم والإزالة التي تقوم بها الجهات المعنية بشكل مستمر في الحي أضرت بما تبقى من منازل وتعجل بسقوطها فوق رؤوس السكان في ظل الهزات الأرضية التي تشهدها المنطقة»، فيما انتقد المواطن علي سعيد صخب وضجيج المعدات الثقيلة بشكل يومي نتيجة عمليات الإزالة في الحي، وقال «نخشى حدوث كارثة إنسانية لسكان حي العشيماء نتيجة تضرر منازل المواطنين الذين لا يملكون منازل بديلة»، وطالب سعيد الجهات المسؤولة بإيقاف عمليات الازالة في الوقت الراهن حرصا على حياة المواطنين الذين باتوا متخوفين من سقوط منازلهم فوق رؤوسهم بفعل معاول معدات الهدم على حد قوله. مواصفات المباني «عكاظ الأسبوعية» حاورت عددا من المسؤولين والمهتمين بشأن مواصفات المباني وكانت البداية مع رئيس لجنة المكاتب الهندسية في الغرفة التجارية بجدة المهندس يحيى حمزة كوشك الذي تحدث عن بعض المشكلات والعيوب التي بدأت تطفو على السطح خاصة في شقق التمليك، لعدم الالتزام في بنائها بأسس وقواعد ومواصفات البناء المعتمد، وقال «عدم وجود الرقيب أو المسؤول الذي يحاسب المهندس أو مقاول المشروع في حال تجاهله كود البناء السعودي أدى إلى بروز المشكلة». وأضاف كوشك «التصميم على خارطة البناء أو (الكروكي) للمبنى يكون وفق المواصفات، إلا أن المشكلة تكمن في التطبيق، خاصة أن أغلب المقاولين يتجاهلون ما هو مرسوم على كروكي البناء وتحديدا في عقارات شقق التمليك»، وأردف «ينبغي على المهندس الذي صمم المشروع الإشراف على البناء»، مشيرا إلى أن المقاولين الوافدين الذين يعملون بعيدا عن غطاء الرقابة هم السبب الرئيسي في تفاقم المشاكل التي تطرأ على العقارات بشكل عام وان معظم شقق التمليك يتم إنشاؤها بهذه الطريقة على حد قوله. مراعاة الجودة وبين كوشك أن أغلب المقاولين ليسوا مسجلين، ولا يملكون سجلا تجاريا، بالإضافة إلى استعانتهم بعمالة غير مدربة وهؤلاء يوكل إليهم العمل في أكثر من بناية أو منزل، الأمر الذي ينعكس سلبا على مجمل الأعمال، وهذه العمالة لا تطبق الخرائط على أرض الواقع، لذلك ينهون عملهم بشكل سريع دون مراعاة للجودة، نتيجة غياب المنفذ المدرب والمؤهل، بالإضافة إلى غياب المشرف وعادة ما يكون المصمم الهندسي. وذكر المهندس كوشك أن عدم وجود العمالة الفنية المدربة أدى إلى عدم تطبيق كود البناء السعودي، خصوصا أن بعض المقاولين الذين رسيت عليهم بعض الأعمال الإنشائية والمقاولات لم يجدوا عمالة فنية وهندسية مدربة ومؤهلة بالإضافة إلى غياب المشرفين الهندسيين. وقال كوشك ان إصدار قرار الكود لم يكن نهاية الموضوع بل هو بداية للتصحيح وتطبيق الكود وذلك من خلال الجهات الرسمية وذلك بإلزامها لمصممي الخرائط بالإشراف. إعادة ترميم وفي ما يتعلق بالمباني التاريخية وخاصة في المنطقة التاريخية بجدة يرى المهندس كوشك، إعادة ترميمها كحل للمحافظة عليها ولكنه يعود ويتساءل بالقول «السؤال يكمن في من يعيد ترميمها»، مضيفا أن مثل هذه البيوت القديمة تحتاج إلى متخصص في الأبنية الأثرية، خاصة أن مواد بنائها مختلفة تماما عن الطراز الحديث، وقال «كيفية التعامل مع المواد القديمة المستخدمة في البناء تعد مشكلة تواجه القائمين على الترميم المعضلة لا يفك شفرتها إلا مهندس متخصص في هذا الشأن، بالإضافة إلى وجود المياه الجوفية التي تسربت داخل المباني منذ القدم ووصل منسوب المياه في بعض البيوت التاريخية إلى 15 سم من جدران الدور الأول للمبنى». وأفصح المهندس كوشك، عن أمر ينبئ بعدم اكتراث الجهات المعنية بالخطابات المرسلة من قبل لجنة المكاتب الهندسية بالغرفة التجارية بجدة في ما يتعلق بالأخطاء الموجودة على أرض الواقع، سواء في بناء المباني الحديثة، أو تلك المرتبطة بمنطقة جدة التاريخية. مقاومة للزلازل وفي الموازاة، أوضح مدير عام المركز الوطني للزلازل والبراكين في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية المهندس هاني محمود زهران، أن المركز يزود أمانات المدن بالمعلومات الجيولوجية والزلزالية وفق كل منطقة وتكوينها الجغرافي المختلف بين المدن الساحلية والجبلية والصحراوية، بالإضافة إلى تقديم معلومات المناطق المتاخمة للحمم البركانية، وبناء على ذلك يتم وضع مواصفات المباني والبناء والطرق الإنشائية. وأضاف زهران «هناك خرائط تبين الخطورة الزلزالية وعجلة التسارع الأرضي، وهذه الخرائط يعتمد عليها طرق البناء وهي باختلاف المناطق الساحلية، الجبلية وكذلك الصحراوية، حيث لكل أرض خاصية تناسبها في البناء». اشتراطات السلامة من جهته، ذكر المتحدث والناطق الإعلامي بمديرية الدفاع المدني بمنطقة مكةالمكرمة العقيد سعيد سرحان، بأن مسؤولية الدفاع المدني تتمثل في اشتراطات السلامة المقاومة للحريق، ويضيف «يرصد الدفاع المدني اشتراطات السلامة في ما يتعلق في المباني التجارية الكبرى والأبراج العالية لحظة بلحظة، أما في ما يتعلق بالمنطقة التاريخية ومشاكل المنازل الآيلة للسقوط فهناك لجنة مشكلة من قبل الدفاع المدني وأمانة محافظة جدة بهذا الشأن». وزاد «فرق الدفاع المدني تباشر الإنقاذ في حوادث انهيار بعض المباني في المنطقة التاريخية وترفع للأمانة بتقرير عن الحادثة». وعن دور الدفاع المدني في ما يخص رصد المباني المتهالكة في المنطقة التاريخية ذكر العقيد سرحان، أنه يتم إبلاغ أمانة جدة لحضور مندوب يمثلها لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة في حالة حدوث حريق في أي عقار سواء في منطقة البلد وغيرها، خاصة إذا تم رصد تشقق أو حدوث تصدعات قوية نتيجة الحريق جدة. مواقع بركانية وتعد منطقة تبوك من المدن النشطة بركانيا والمعرضة للزلازل في ظل ما شهدته المنطقة على مدى التاريخ لكثير من الزلازل، ففي عام 1416ه شهدت المنطقة أقوى زلزال، بلغت قوته 7.2 درجة على مقياس ريختر وفق سجل المراصد الجيولوجية، وعلى عمق 10 كيلومترات تحت سطح الأرض، على بعد 175 كلم شمال غرب منطقة تبوك، وشعر به سكان تبوك ومنطقة المدينةالمنورة، مصر، الأردن، وبلاد الشام، وفي عام 1425ه تعرضت المنطقة لزلزال بلغت قوته 4.2 على مقياس ريختر شعر بها سكان مدينة تبوك ومحافظة تيماء والوجه وضباء وحقل، كما سجلت حرة الشاقة في عام 1430ه هزة أرضية بلغت قوتها 3.7 درجة بمقياس ريختر وشعر بها سكان أملج والعيص والشبحة والقراصة. ويؤكد الجيولوجيون، أن مدينة تبوك وخاصة محافظة حقل من المناطق النشطة زلزاليا بسبب وجود صدوع رئيسة، متمثلة في صدع البحر الأحمر، صدع خليج العقبة والبحر الميت وصدع خليج السويس، وتعود أسباب كثرة الهزات الأرضية بهذه المنطقة خاصة في حوض البحر الأحمر، إلى توسعه بمقدار واحد إلى خمسة سنتيمترات كل سنة، بشكل عرضي وطولي، مؤكدين أن الخسائر المتوقعة من الهزات الأرضية في طريق العقبة وجنوب غرب منطقة تبوك في حال تعرضها لهزة أرضية من 6-7 درجات على مقياس ريختر بسبعة مليارات ريال. أخطار وتحذيرات في الوقت الذي تستعد وزارة الإسكان لتوزيع 901 وحدة سكنية في مدينة تبوك في الأشهر الثلاثة المقبلة، كشفت جولة «عكاظ الأسبوعية» مؤخرا عن وجود تشققات وتصدعات جميع المباني الحديثة الإنشاء والتي على وشك التشطيب، الواقعة خلف مدينة الملك خالد الرياضية، وبلغت تكلفتها أكثر من 296 مليون ريال وتأتي الخطوة في ظل الأخطار والتحذيرات التي يطلقها الجيولوجيون الذين يؤكدون خطورتها وطالبتهم بتطبيق كافة الاحترازات ومواصفات المباني السكنية والمستشفيات والمدارس وغيرها وفقا للكود الوطني والتي تلائم مناطق الزلزال قبل حدوث مكروه. كما كشفت جولة «عكاظ الأسبوعية» في عدد من أحياء مدينة تبوك عددا من المنازل الآيلة للسقوط والمنازل التي تشهد تصدعات جراء تلك التغيرات الطبيعية. ففي حي المصيف الحديث، فوجئ السكان بعد بناء مساكنهم بوجود تشققات كبيرة في المباني، وارجع المهندسون المعماريون أسبابها إلى «التربة الانتفاخية» وعوامل الطبيعة، كما اضطرت جامعة تبوك شطر الطالبات الواقع في الحي نفسه إلى إخلاء المبنى ونقل الطالبات إلى مبنى آخر بعد أن تم اكتشاف تصدعات في جدران المبنى الجامعي الحديث الذي تم استلامه من الشركة المنفذة قبل أربعة أعوام، وبعد شهر ونصف الشهر ظهرت تشققات على حائط الواجهة الشمالية وعند الفواصل الإنشائية. وأوضح المواطن حامد عقلا من سكان حي المصيف، أنه لاحظ التشققات والتصدعات في منزل الأسرة ومنازل عديدة في الحي، وقال «أنفقت الكثير من الأموال في شراء الأرض وبناء المسكن إلا أن منظر التصدعات أزعجني كثيرا وما زلت أتحمل إصلاح ومعالجة هذه العيوب»، ولا يختلف حال العم أبو عبدالله كثيرا عن حال الكثير من أهالي الحي الذين صدموا بتلك التصدعات التي نغصت عليهم عيشهم وأصبحوا في قلق مستمر وحاله نفسية سيئة. إعادة البناء من جانبه، أكد رئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض الدكتور عبد الله العمري، أنه يجب العناية بالمباني التي تقع في المناطق النشطة بركانيا في شمال غرب المملكة تبوك وحقل وكذلك جنوب غرب المملكة تشمل كذلك جازان، وقال «المباني التي تقع في هذه المناطق يجب بناؤها وفقا للكود الوطني». وبين الدكتور العمري أن موضوع الزلازل والانهيارات يجب أخذه بعين الاعتبار وبجدية وعلى الجهات الحكومية الالتزام بالكود الوطني، منوها الى أن المباني التي تقع في رؤوس الجبال لن تؤثر عليها الزلازل ولكن ستؤثر عليها الانهيارات والانزلاقات بسبب الامطار، وبالتالي هذه المباني تتعرض للخطر من جهتين جهة خطورة الزلازل وخطورة الانزلاقات الأرضية، مشيرا إلى ضرورة هدم وإعادة بناء المنازل الآيلة للسقوط بسبب الزمن، أما المناطق الأخرى فيجب إعادة تأهيلها، وبناؤها وفقا للكود الوطني من مبان ومدارس ومستشفيات ونحوها. عواقب كارثية إلى ذلك شدد الخبير في علوم الأرض ياسر المشنوي، على أهمية إعادة البنية التحتية لكافة المباني بالمملكة، وتحديدا المناطق الجنوبية، وبين المشنوي أن مباني المملكة ليست مقاومة للزلازل، وأن أي زلزال بقوة الست درجات فقط ستكون عواقبه كارثية لا سمح الله. وأضاف «احتمالية تعرض منطقتي عسيروجازان لزلزل خلال السنوات العشر المقبلة واردة، وهناك دراسة حديثة تقول ان هناك تحركا كبيرا لزلزال في اعماق البحر الأحمر ما سيوثر على المناطق الجنوبية (جازان وبعض مناطق عسير) وسيمتد الى اليمن وسيتجاوز ال10 كلم تقريبا. وطالب خبير علوم الأرض المشنوي بسرعة اعادة تقييم أسلوب انشاء المباني الحديثة، والحرص على ملاءمتها للزلازل بشكل مختلف بعيدا عن العشوائية التي تدار بها تراخيص البناء، مبينا انه في حالة حدوث زلزال ستكون النتيجة مدمرة في حالة عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة، مشددا على اهمية عمل وسائل السلامة ومخارج للطوارئ وقت حدوث كوارث الطبيعية لا سمح الله. فيما أشار أستاذ علوم الأرض بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي القحطاني الى أن الهزات التي حدثت الأسابيع الماضية بينت تصدعات في الطبقات الأسمنتية في أكثر من 3000 منشأة في جازان فقط، مشددا على التركيز على المدارس والمباني الصحية من ناحية البناء الجيد الذي لا يتأثر بالهزات على المدى الطويل، وللحيلولة دون انهيار هذه المنشآت، وقال «تشير الدراسات الى أن منطقة جازان معرضة للهزات الأرضية بنسبة 75% خلال السنوات العشر المقبلة، وهناك عجز كبير بين الجهات الحكومية لتفعيل دورها لوضع حلول لمقاومة الزلازل خلال السنوات المقبلة». الكود السعودي «الكود السعودي» هو عبارة عن مجموعة من النظم الفنية والعلمية والإدارية المتخصصة بالمباني والتي تعدها اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي، ويهدف ذلك لضمان الحد الأدنى المقبول من السلامة والصحة العامة، حيث يقوم على الأسس العملية والظروف الطبيعية والقواعد الهندسية وخواص المواد والمخاطر الطبيعية، كالزلازل والحرائق وكذا أغراض استخدام المنشآت. حيث جاءت الموافقة على الخطة العامة للجنة الوطنية لكود البناء السعودي في 15/6/1422ه، تلت ذلك الموافقة على الاطار العام لكود البناء السعودي في 8/11/1425ه، وفي 17/8/1428ه، كانت هناك استمرارية للجنة الوطنية لكود البناء السعودي والمشكلة في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس وذلك في اعداد الكود السعودي الى أن تفرغ من إنجازه، حيث توكل به وزارة الشؤون البلدية والقروية بعد اعتماده، تم بعد ذلك في عام 29/8/1426ه، إضافة مندوب من وزارة المياه والكهرباء إلى اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، وأخيرا تم إنشاء وحدة مركزية لكود البناء السعودي في وزارة الشؤون البلدية والقروية وتكون هي الجهة المختصة بمتابعة تنفيذ كود البناء السعودي وذلك في تاريخ 10/1/1428ه.