أجمع خبراء سياسيون وأمنيون مصريون وكذا معارضون سوريون على أن تصريحات نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد تفتقر إلى الحقيقة وأكدوا أنها متوقعة من نظام لا يجيد سوى المراوغة وقلب الحقائق، كما أكدوا أنها تهدف إلى استهلاك الوقت وتشتيت الأنظار عن حقيقة ما يجري على الأراضي السورية بدعوى مكافحة الارهاب. وأثارت تصريحات المسؤول السوري ردود فعل واسعة، خاصة حديثه عن أن الأولوية في مفاوضات جنيف2 لمكافحة الإرهاب وزعمه أن نظام الأسد يسعى للسلام. وسخرت المعارضة السورية من هذه التصريحات التي تطاول فيها المقداد على الإجراءات السعودية الأخيرة ضد المقاتلين السعوديين المشاركين في الصراعات الخارجية. وقال هيثم المالح رئيس اللجنة القانونية للائتلاف إن كل ما يصدر عن أي من أركان نظام الأسد متوقع تماما ولا يثير أي دهشة لدينا، معتبرا أن هؤلاء لا يجيدون سوى ممارسة فنون الكذب والخداع ولي الحقائق، وكان أحرى به الرد على كتائب المقاتلين من جنسيات مختلفة إيرانيين وعراقيين وغيرهم والذين بات ليهم اليد الطولى في تسيير الأوضاع على الأراضي السورية وليس لنظام الأسد. وقال إن تهديد المقداد بانتشار الإرهاب بالمنطقة والعالم إذا لم يتوقف في سوريا هو أكذوبة جديدة يمارسها نظام الأسد وأركان حكمه لشغل أنظار العالم عما يجري في سوريا من مذابح وأعمال قتل وتدمير مستمرة. وقال السفير د. محمد شاكر رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية إن تصريحات المقداد بمثابة تكرار لنفس السيناريو الذي بدأه وزير خارجيته رئيس الوفد بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف في مونتري. ورأى أن مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تهيئ لمناخ صحي تنعقد به المفاوضات، خاصة حين تتعرض لها مواقفها المتزنة ودبلوماسيتها المشهود بكفاءتها مثل المملكة. واستغرب السفير شاكر في هذا الصدد ما ورد على لسان المقداد من اتهامات تمس المملكة وتزعم وجود ضباط يقودون العمليات العسكرية في سوريا من دول مجاورة قائلا إن هذه أمور لا تستقيم مطلقا مع الحقيقة ودلل على ذلك بالقرار السعودي الذي يحظر على السعوديين القتال خارج أراضيهم، وهو موقف قال إنه يتواءم مع مبادئ سياسة الرياض الرصينة. وبدوره، استغرب الخبير الأمني اللواء محسن حفظي ما صدر عن المسؤول السوري في جنيف وقال إنه لا يمكن وصفها سوى بأنها استهلاك للوقت وخطط متعمدة صاغها نظام الأسد لأجل تشتيت الجهد خاصة من جانب المعارضة وشغل أنظار المجتمع الدولي عن ممارسة أية ضغوط على نظام الأسد لحملة التجاوب مع متطلبات وثيقة جنيف1 التي انطلقت المفاوضات وفقا لها. وفي السياق ذاته، أبدى السفير حسين ضرار مساعد وزير الخارجية المصري السابق دهشته من الأسلوب الذي يتحدث به رموز نظام الأسد خاصة توزيع الاتهامات والادعاءات يمينا وشمالا، والتي طالت المملكة مؤكدا أن هذا ينم عن أن النظام فقد الحجج وأساليب التفاوض ولا يجيد سوي الادعاءات والاتهامات وكذا لي الحقائق بحديثه عن انتشار الإرهاب في العالم. ووصف الخبير الأمني اللواء رضا يعقوب مزاعم نائب وزير الخارجية السوري بوجود ضباط سعوديين يديرون المعارك في سوريا من الأردن وتركيا بالكذب المحض والمخالف للواقع والمنطق الدائر في الحروب مؤكدا أن المملكة ليس لها أي علاقة بالمقاتلين في سوريا. وقال اللواء يعقوب إن أي عملية عسكرية لا بد أن تدار من مواقع القتال وليس من المكاتب أو من خارج الدولة، وأن الذي يديرها من خارج الدولة هم الإرهابيون الدوليون، مشيرا إلى أن الذي يقاتل في سوريا من غير السوريين هو حزب الله وإيران وتنظيم القاعدة بالإضافة إلى ميليشيات وجيش النظام الثابت تورط في قتل الأبرياء، وهؤلاء هم الذين يجب إخراجهم من سوريا لقطع دابر الإرهاب منها. ويضيف اللواء عقوب أن هذه الاتهامات تهدف للوقيعة بين العالم العربي من ناحية ولهروب نظام الأسد من استحقاقات «جينيف1». وخلص اللواء رضا يعقوب إلى تأكيد أن المملكة دعمت بكل قوتها لجنة مكافحة الإرهاب الدولي في مجلس الأمن برئاسة السفير المغربي محمد لوليشكي إيمانا منها بأهمية دعم استقرار الأمن والسلام في المنطقة والعالم. من جهته، قال الدكتور محمد إبراهيم منصور مدير مركز دراسات المستقبل إن الاتهامات السورية ليس لها محل من الإعراب؛ لأنها تتجاهل حقيقة الواقع في سوريا وهو من يقاتل على الأرض هم حزب الله وإيران والقاعدة واصفا هذه الأكاذيب بأنها نوع من المراوغة، التي تجاهلت قتل القوات الأجنبية على السورية للمدنين سواء من القاعدة أو حزب الله. وأضاف مدير مركز دراسات المستقبل أن النظام السوري بات محاصرا بالاستحقاقات التي تكفل تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا عبر تطبيق بنود جنيف1 بدءا والخاصة بالهيئة الانتقالية وفتح الباب لوصول القوافل الإغاثية للسوريين الذين يعانون التجويع والحصار، وتحقيق المصالحة الوطنية وصولا إلى إعادة السلم والأمن إلى المجتمع.