أحيانا تأخذك الأفكار بعيدا خاصة في جودة المشاريع بين الأمس واليوم لدرجة عندما تشاهد وتلمس مشروعا أنشئ في الخطة الخمسية الأولى قبل حوالي ربع قرن ومشروعا أقيم حديثا فتجد أن المشروع الذي أقيم منذ سنوات طويلة ماضية لا زال صامدا يقابله نفس المشروع الذي أقيم حديثا ولكنه من نظرتك الأولى له ترى العديد من الخلل والعيوب ظاهرة على السطح. ونأخذ مثلا مشاريع السفلتة حيث هنا طريق مسفلت منذ عشرين عاما ظل صامدا طوال تلك المدة بل وكأنه سفلت اليوم بينما طريق آخر سفلت حديثا ولكنه تعرض للعديد من العيوب المناخية من أهمها انقشاع الطبقة الإسفلتية الأولى في الواجهة ولم يبق غير الحفر والمطبات وعندما نقارن قيمة ترسية المشروعين نجد أن المشروع الذي أقيم قبل عشرين سنة أقل عطاء في مبلغه من المشروع الآخر الذي أقيم حديثا بأضعاف مضاعفة. لدرجة تحوك في نفسك وتلعب في رأسك الهواجس بأن هناك خللا ما أصاب المشروع الحديث من حيث الترسية وفتح مظاريف العطاء ولا يداعب مخيلتك شك واحد إلا أن هذا المشروع رسي على مقاول له باع طويل في لعب الثلاث ورقات ويعرف جيدا بوس الأيدي وما في حكمها من تفاصيل صغيرة وكبيرة جعلت مسؤول الإدارة يوقع على العطاء وهو مغمض العينين ولسان حاله يشد على يد المقاول قائلا له: مبروك. كل هذا يحدث في معظم المشاريع الجديدة إذا قورنت بالمشاريع القديمة. وفي الوقت نفسه بنظرة بسيطة فاحصة إذا قارنت مشاريع تقام في الدول الغربية ونفس المشاريع تقام هنا ستجد الفرق شاسعا في جانب المشاريع الغربية وعندما تسأل لماذا ستجد الجوانب جاهزا بأن مشاريعنا لها صفة الخصوصية حد الغرور وكم قضت علينا وقتلتنا هذه الخصوصية التي ما أنزل الله بها من سلطان.