الأصل في الرعاية الصيدلانية الحديثة للمرضى هو التأكد من صحة الدواء الموصوف مقارنة بالحالة المرضية والتشخيص الذي حدده الطبيب، والتأكد من صحة الجرعة التي كتبها وتناسبها مع عمر ووزن المريض، وحالة أجهزة جسمه المسؤولة عن التخلص من الدواء، والتأكد من عدم وجود تعارض أو تفاعل بين الأدوية الموصوفة للمريض، أو تعارض بين أحد الأدوية ومرض آخر يعاني منه المريض هذا إلى جانب إعطاء شرح مفصل لكيفية تعاطي الدواء وأوقاته ومحظوراته. هذه الرعاية الصيدلانية يقدمها الصيدلي المتخصص بعد أن أمضى حوالى ست سنوات في دراسة علم الصيدلة في كلية الصيدلة مع التدريب، وحصل على شهادة البكالوريوس في هذا التخصص الهام، وأكثر أوجه تقديم هذه الرعاية أهمية وحرجا وتعدادا هو مجال صرف الدواء للمريض سواء المنوم أو المراجع للعيادات الخارجية، حيث يقف الصيدلاني حائلا دون تضرر المريض من خطأ الطبيب (غير متخصص في الدواء) سواء في الوصف أو الجرعة أو الخلط بين أدوية متعارضة مع بعضها أو مع حالة المريض ويقدم الصيدلاني المعلومة الصحيحة لزميله الطبيب، ويتفقان على تعديل الجرعة أو نوع الدواء أو أوقات تعاطيه بما يخدم سلامة المريض، والحفاظ عليه من الضرر. وصدقوني من واقع تجربة وخبرة أن العمل اليومي لصيادلة المستشفيات فقط يشهد إنقاذ عشرات الأرواح يوميا من أخطاء فادحة غير مقصودة طبعا. منذ حوالى 50 سنة ونتيجة لوفرة عدد الصيادلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأرجو وضع 50 خطا عن كل سنة تحت جملة (وفرة عدد الصيادلة) أرادت أمريكا استغلال وفرة الأعداد في فتح مجال رعاية صيدلاني أكثر قربا من الطبيب بإدخال صيدلاني متخصص في تخصص دوائي دقيق (أدوية القلب أو الضغط أو السكر أو المضادات الحيوية أو أدوية السرطان أو أدوية الأطفال.. إلخ) ضمن الفريق الطبي لرعاية المريض المنوم سريريا واسمته تخصص (صيدلة إكلينيكية) يفترض أن يلي الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم الصيدلانية. لكي لا أطيل فقد درس عدد من الصيادلة السعوديين هذا التخصص في أمريكا (حيث معقله) لكنهم عادوا لفرضه على دراسة الصيدلة في المملكة (حيث لا تكفي أعداد الصيادلة العامين حاملي البكالوريوس حاجة الوطن ولا بنسبة أقل من 10% وتحتاج المملكة لأكثر من 400 عام بنسب المخرجات الحالية لتغطية الحاجة للصيدلي العام غير الإكلينيكي) وحاليا وبفعل تولي بعض المتخصصين في الصيدلة الإكلينيكية لمناصب في كليات الصيدلة والمستشفيات فإنهم قد ضيقوا الواسع، ويريدون من كل الصيادلة المبتعثين أن يتحولوا إلى صيادلة إكلينيكيين وهذا أمر خطير جدا على الرعاية الصيدلانية في الوطن بتفريغ التخصص الأصلي وتحويله للفرع.