بدأ الباحث المهندس عبدالله بن سعيد كربان، المعيد بقسم العمارة الاسلامية بجامعة أم القرى، والمبتعث لدراسة الماجستير في جامعة تكساس في سان انطونيو، في دراسة بحثية تهدف إلى تطوير نموذج لتقييم الاستدامة في الأحياء السكنية لمدينة مكةالمكرمة وذلك عن طريق قراءة البيئة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية للمدينة، واستخلاص مؤشرات دقيقة لقياس مستوى الاستدامة في الأحياء السكنية بكل شفافية ووضوح، بهدف المساهمة في صناعة القرار ووضع رؤية وخطط تنموية صحيحة. ويهتم المهندس كربان في بحثه بدراسة نموذجين مختلفين من المناطق السكنية في مكةالمكرمة وهما المناطق التقليدية القديمة ومناطق الامتداد السكني الحديثة (المخططة) وذلك لمعرفة مدى استدامة كل منهما وما الأسباب التي أدت إلى تلك الاستدامة. وقال المبتعث المهندس كربان ل«عكاظ»: من المعروف أن صياغة وقراءة المؤشرات لأي دراسة يتطلب معلومات صحيحة وواضحة حيث تعكس لنا الواقع بسلبياته وايجابياته، ومن خلال ذلك تتجلى صورة واضحة لصناع القرار لتفادي السلبيات وتعزيز الايجابيات لتحسين البنية المعيشية لسكان مكةالمكرمة وقاصدي بيت الله الحرام. وذكر أن هذه المؤشرات تعتبر كالتحاليل المخبرية التي يعتمد عليها الطبيب لتشخيص المرض، لذلك هناك ثلاثة شروط أساسية يجب توفرها في المعلومات والخرائط المجمعة للدراسة وهي الدقة، والمصداقية، والحداثة، ليتم علاج الداء بالدواء المناسب. وبين أن أمانة العاصمة المقدسة أنشأت نظاما مشابها أسمته بالمرصد الحضري لمكةالمكرمة يقوم بتدقيق وتحليل المعلومات والبيانات الخاصة بمجالات التنمية الحضرية المحلية، والإقليمية والعالمية، كما يقوم المرصد بصياغة النظم والتشريعات التي تساعد على مواكبة خطط التنمية الوطنية وتحقيق جودة الحياة النوعية، لذا أسعى من خلال هذا الدراسة البحثية إلى الاستفادة من التجارب العالمية والمحلية السابقة وتطويرها، ومن ثم تطبيقها على مستوى الحي السكني الذي يعتبر اصغر وحدة مجتمعية داخل المنظومة السكانية. وأشار كربان إلى أن نهج الدراسة اعتمد على استقراء الرأي العام وذلك عن طريق نشر استبيانات تهدف إلى تحديد واستنباط المؤشرات المستدامة وأقلمتها بما يتناسب مع تفرد وتميز الشخصية الدينية والعمرانية والمجتمعية لمكةالمكرمة، حيث إن هذا الدراسة تحتوي على العديد من القضايا التنموية مثل النواحي العمرانية، الاقتصادية، الاجتماعية، التعليم، الصحة، المواصلات والإسكان وغيرها. وتستخدم هذه الدراسة على احدث برامج التحليل والرصد مثل برنامج نظم المعلومات الجغرافية GIS وبرنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية SPSS التي تعتبر من أقوى البرامج المستخدمة عالميا في هذا المجال، بدراسة الوضع الراهن للأحياء السكنية لمكةالمكرمة يقوم البحث بإنتاج مؤشرات عن مجالات التنمية المستدامة المختلفة التي تمكن المخطط وصانع القرار من تشخيص المعضلات والوقوف على مدى التحسن أو التدهور في نواحي التنمية المختلفة. وأشار كربان إلى ما قدمه البروفيسور أحمد شحاتة في دراسة سابقة عن مدينة مكةالمكرمة التي نمت من خلال نمطين أساسيين للأحياء السكنية وهما النمو التلقائي (العشوائي) والنمو المنظم الذي يتضمن نوعين من العمليات أولهما عمليات الإحلال والتجديد للمناطق القديمة والثاني استحداث مناطق سكنية جديدة. وأفاد أنه يهتم في بحثه بدراسة نموذجين مختلفين من المناطق السكنية وهما المناطق التقليدية القديمة ومناطق الامتداد السكني الحديثة (المخططة) وذلك لمعرفة مدى استدامة كل منهما وما هي الأسباب التي أدت إلى تلك الاستدامة، مستخدما في تقييمه عده محاور ومؤشرات رئيسية ألا وهي الكثافة السكانية، النواحي الاجتماعية، النواحي الاقتصادية، النواحي البيئية، النقل والمواصلات، الخدمات الأساسية والبنى التحتية، الإسكان واستعمالات الأراضي ولكل منها تبعات ومؤشرات تقاس بآليات رقمية دقيقة. وأضاف كربان أنه كثيرا ما نسمع في الآونة الأخيرة عن مفهوم التنمية المستدامة، وكثيرا ما نسأل أنفسنا ماذا تعني الاستدامة، وما هي الآمال المتعلقة على هذا المفهوم على مستوى الفرد والمجتمع، موضحا: لقد فسر الباحثون الاستدامة بأنها مفهوم عام يهدف إلى تلبية الاحتياجات البيئية والاقتصادية والاجتماعية للجيل الحالي مع مراعاة استمرار توفرها للأجيال القادمة، وتعتبر التنمية المستدامة من القضايا الأكثر أهمية على المستوى المحلي والعالمي في تطوير المجتمعات لمواكبة واحتواء التزايد السريع في أعداد السكان والتغيرات البيئية المختلفة. ويأمل كربان نجاح هذه الدراسة وتفاعل الجهات المختصة بتوفير معلومات حديثة ودقيقة له ومساعدته في ذلك ليتم تقييم الواقع بكل شفافية. من جانبه اعتبر نائب عميد قسم العمارة والتخطيط للدراسات العليا في جامعة تكساس في سان انطونيو، الدكتور حازم راشد علي، هذه الدراسة بأنها سوف تضيف اعتبارات جديدة إلى مكةالمكرمة بوجه الخصوص وعلى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، حيث إن مخرجات هذه الدراسة سوف تعطي صناع القرار والمخططين صورة مفصلة للوضع الراهن ليتم بناء المقترحات والقرارات على هذه المخرجات، كما انه يمكن تطبيق هذا النموذج على المدن الأخرى داخل المنطقة، مشيرا إلى أن مدى نجاح هذه الدراسة يعتمد على تفاعل الجهات المختصة بتوفير معلومات حديثة ودقيقة ليتم تقييم الواقع بكل وضوح، حيث يخلص البحث إلى تقديم فكرة مستدامة للجمع بين مميزات ما يقدمه فكر المخططات السكنية الحديثة مع متطلبات الحاضر في عالم المواصلات والاتصالات مع الحفاظ على هوية واحتياجات السكان الوظيفية والبيئية والثقافية.