للقدوة الحسنة تأثير بالغ الأهمية في تربية النشء وتشكيل المجتمع الصالح في ما بعد، ولا تختلف المدرسة عن المنزل ولا المعلم عن الوالدين يتعلم الطفل منهم، ويتطبع بأطباعهم ويحاول تقليدهم في حركاتهم إن أحس منهم الصدق كان صادقا وإذا جرب عليهم الكذب صار الكذب طبعا فيه. رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة تنادي ابنها لتعطيه، فقال وما تعطيه، قالت أعطيه تمرا، فقال لو لم تعطه شيئا لكانت كذبة. إنه درس يعطيه نبي الأمة للأم القدوة فلا يكذب قولها فعلها لأن العلم يدرك بالبصائر والعمل يدرك بالإبصار. فلكل طفل ميول فطرية متفاعلة مع محيطه فوجود النماذج الحسنة من الشخصيات الإنسانية المختلفة ذات أهمية كبرى في صياغة سلوكه وأنماطه. فلا تربية بدون قدوة، إن مرحلة الطفوله تعتبر القاعدة الأهم لمراحل التطور اللاحقة للفرد. تتطور فيها شخصيته وتتشكل قواه الذهنية والإدراكية التي تتحكم في شخصيته، من قدرة على التعلم والحب والثقة بالنفس. وتشير الدراسات النفسية إلى أن الطريقة المستخدمة في رعاية الأطفال تترك أثرا عميقا في مراحل لاحقة من حياتهم. فنجاح الفرد في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية يساعد إلى حد بعيد على اكتساب المهارات والتطبع والتعلم والإحساس بمن حوله، ومن هنا تتضح أهمية ومكانة هذه المرحلة من تطور شخصية الطفل وسلوكه في مستقبل المجتمع والأمة، يقول الدكتور بول مسن في أسس سيكيولوجية الطفولة والمراهقة إن دخول الطفل عالم اللغة الإنسانية يفتح له عالما من المعرفة، وإنه يتأثر بلهجة الكبار وطريقة نطقهم وتعاطيهم مع الأمور في ما بعد، فكان لابد من الاهتمام بنوعية الخطاب في هذه المرحلة بعيدا عن الوعظ المبرمج القديم فلا بد من أن يكون وعظا هادفا صادقا لتعميق شخصية الطفل وإدراكه الصحيح، لازلت أذكر ما قاله الأمير خالد الفيصل عن (مدرسته التي درس فيها أكثر من 10 سنوات وهي المدرسة النموذجية بالطائف، كنا نأكل ونشرب وننام في المدرسة لا نخرج أنا وإخواني إلا يوما واحدا في الشهر نزور فيه عائلتنا في مكةالمكرمة. كنا نلبس شورت كانت هناك إذاعة مدرسية تعزف الموسيقى في الفسح ولا تسير مسيرة المدرسة صباحا بعد تحية العلم إلا على قرع الطبول يقرعها الطلبة وكان المدير والأساتذة يقفون صفا معنا نحن الطلبة، كنا نقيم حفلات السمر ونغني ونلعب ونمارس جميع أنواع المهارات من رسم وتصوير وجميع أنواع الرياضة والأساتذة يشاركوننا في جميع الألعاب. كان مدرسو الدين يشاركوننا الرياضة ومن أكثر الناس الذين يبتسمون ويضحكون ويمازحون الطلبة.. لم نعرف التطرف ولم نسمع به ولا بالتكفير ولم نسمع بأي كلمة مما نسمع هذه الأيام تلقن للطلبة والطالبات في المدارس، لذلك أتمنى أن تعود مدارسنا في هذ العصر إلى ماكانت عليه المدرسة النموذجية بالطائف سنه 1366ه)، وهذه أمنية السواد الأعظم من المجتمع يا سمو الأمير. لذا فإن الجانب التربوي الذي يتطلع إليه سموكم مع توفير الحماية الفكرية والسلوكية لأبنائنا وبناتنا من المنهج الخفي الذي لازال يعمل في مدراسنا فهناك من يتكلم عن الجهاد والحور العين. صدمني ابني المراهق وهو يردد لأخته ما تلقاه من المدرسة أن للمجاهد 45 حورية ولمن يموت دون جهاد حورية واحدة وعندما نهرته زادني أن الرسول كان جالسا بين أصحابه فدار وجهه إلى الناحية الأخرى فسأله صحابته لما فعلت ذلك يا رسول الله؟ فقال رأيت صاحبكم الشهيد ومعه عدد من الحوريات فأدرت وجهي خجلا منه. إضافة إلى الغمز واللمز عن أشياء هي من العادات ولكن جعلوها من العبادات فحرموها على النشء، وتأتي الهيئة وتستحدث غرفة عمليات للعمل الميداني خلال فترة امتحانات الطلبة والطالبات وأن هذه الغرفة ستكون على مدار العام وستتم زيارات متبادلة بين مسؤولي الجهتين لوضع آلية عمل بين الجهتين دائمة ومستمرة لتحقيق هذا التعاون المثمر والبناء. الحياه 18547. ولا أدري ما دخل الهيئة في التربية والتعليم لطلبة لم يتشكل عقلهم بعد!.. إن عمل الهيئة يتركز على منكرات الأسواق وأخطاء المصلين في المساجد ومراقبة الكيل والميزان ولم تكن تربية النشء في يوم من الأيام ضمن اهتمامات الحسبة في تاريخ الإسلام. إن الصورة لازالت ضبابية لدى شريحة واسعة من المجتمع عن الهيئة وأعمالها. يقول الرئيس العام للهيئة إن البعض يريد أن تبقى الهيئة يدا باطشة متسلطة لا تسير على منهج النبوة وإنما تتخذ منهج أبي لهب وجهيمان مسلكا ومسارا. إن للهيئة ورجالها خشية في وجدان البالغين فما بالك بالنشء والطفل الصغير، خاصة أن أخبار العنف والمطاردات لازالت قائمة بكل صورها السلبية وتحتاج إلى زمن لتعود لمفهوم: ادع إلى سبيل ربك بالحسنى والموعظة الحسنة. الهيئة تتابع السحرة والمروجين والابتزاز لكن المدرسة والثقافة والكتاب وعادات الناس وبيئة التعليم فلا دخل لها فيها، فهي المكان الذي يحتضن القلوب الصغيرة والعقول البضة لمجتمع آمن مطمئن يحب الحياة ويعمرها بالحب.