لا شك أن الشعر الشعبي، ومنه المحاورة والشعر النبطي، يدخل بجدارة ضمن ذاكرة التاريخ لحفظ تراث الأمم وتاريخها وقصصها وأخبارها وآثارها ضمن العديد من الروافد الأخرى التي توارثتها الأجيال عبر العصور. والأصل في الشعر الشعبي بجميع بحوره، ومنه العرضة أو ما يسمى بالمحاورة ونحوها مما يلحق به، أن يكون سجلا حافلا بالمعاني والجمل والكلمات التي لا تتعارض مع القيم والأخلاق والمبادئ، ولا تتنافى مع القيم الأخلاقية ويفعل كل ما من شأنه الارتقاء بالأخلاق والذائقة والفكر والثقافة المجتمعية. إلا أننا نلاحظ عكس ذلك تماما في بعض القصائد الشعبية عموما، والمحاورة خصوصا، التي أصبحت منتشرة الآن في كثير من المناسبات في كل مكان وتنقل مباشرة أو تسجيلا عبر القنوات الفضائية التي خصص بعضها لمثل هذا النوع من الشعر. والحقيقة أنه من المؤسف ما نراه حاليا ويعرض ويسمع على مرأى من العالم ما يقال في بعض هذه القصائد الشعبية، خصوصا الحوارية منها من كلمات بذيئة ومعانٍ ينضح منها الإسفاف والانحدار بالذائقة والأخلاق، كما يلاحظ فيها التنابز بالألقاب والمعايرة بالأنساب وإثارة الفتن والسخرية والسباب أحيانا، وكلها أمور تنهى عنها الشريعة الإسلامية ولا تتوافق مع قيمنا الأخلاقية وأدبنا وتربيتنا وعاداتنا؛ لأن المسلم مأمور بمخافة الله وتقواه في كل ما يتفوه به من قول أو فعل في هزله أو جده، ولا ينبغي له الخروج عن المحاذير التي تخالف توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والخلق الإسلامي الرزين. قال تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم سبعين خريفا». خاتمة للشاعر أحمد شوقي: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا * أكاديمي سعودي [email protected]