الذي سمي ابتداء وترجمة حرفية بالربيع العربي فمحركاته ودوافعه وملحقاته وأرضه ومسالكه ومن فيه وما فيه، أمور كثيرة قليلها واضح وجلها غائب ومتقلب ومفاجئ، كأشباح أشياء في غبار تتداعى في طريق وعر متشعب. ما هذا السيل العجيب المغرق من الكتابات والمقابلات والكلمات حول ما سمي بالربيع العربي وتلك هي حاله؟ أي عاقل يرى فتنا في فتن وبنيانا متهاويا كما يحصل في مصر وغيرها ويقول أي شيء سوى اللهم سلم؟ ما أعجب سباق العناوين والمقالات والمقابلات المكومة كل يوم كأن أصحابها مطلعون على النوايا والمقاصد، متأكدون للمسالك والمؤثرات الداخلية والخارجية والظاهرة والخفية وضامنون للنهايات. صار الكلام غاية والكتابة إثباتا للوجود واستحال الربيع العربي ربيعا للألسن وللأقلام وللصور. إن طابق حدث مقولة قائل فهو حظ سعيد يثبت به رجاحة علمه! أعاذنا الله وإياكم من الفتن المؤلمة المبكية ورد عقولنا وأنار بصائرنا، وليت أكثر ما يقال ويكتب يحجب لأنه لغط وتضييع للوقت والعقل يهدم ولا يبني ويسيء ولا يحسن.