يسيطر الخوف والقلق على عقول سكان حي «البخارية» في الطائف، نتيجة تواجد العمالة المخالفة بالرغم من حملة التصحيح الأخيرة، حيث يمتزج عشرات من هؤلاء العمال بالعزاب الذين عادوا للسكن في الحي بأمر من مكاتب العقار بالرغم من القرار الصادر قبل ست سنوات من إمارة منطقة مكةالمكرمة بترحيلهم من الحي بناء على مطالب السكان. وقبل الخوض في أعماق وشوارع حي البخارية، فإن التاريخ يذكر أن تسمية حي «البخارية» بهذا الاسم يعود للجالية التركستانية التي استوطنت الحي قبل أكثر من 90 عاما، وهو الأقدم بين أحياء مدينة الطائف، وحمل عدة أسماء منها (الحفر، المصانع، محلة الشهداء، حارة البخارية، حي الشهداء القديم، حي الشرقية 1). ويشكو سكان حي «البخارية» من تكدس العمالة الوافدة فيها، كما أن منازله قديمة في معظمها وشوارعه الفرعية ضيقة إلى درجة يصعب معها مرور سيارات الدفاع المدني، الإسعاف، والدوريات الأمنية والخدمات، إلى جانب مجاورة شقق العزاب للعوائل وهو ما يثير قلق السكان. سكن العزاب وأوضح ل«الأسبوعية» إمام المسجد بحي البخارية الشيخ عبدالحفيظ عبداللطيف مرغلاني، أن الحي يعاني كثيراً من التواجد المكثف للعمالة الوافدة وخاصة العزاب منهم بالرغم من حملات تصحيح أوضاع العمالة الأخيرة، وقال «يعاني أهل الحي من وجود العزاب مواطنين ووافدين بجانب العوائل ومنها أربطة للنساء، وهؤلاء لا يحترمون خصوصيات الأسر، مشيرا إلى أن توجيهات كانت قد صدرت بعدم تسكين أي شخص بحي البخارية إلا بعد موافقة الجيران، ولكن أصحاب مكاتب العقار يضربون بهذه التعليمات عرض الحائط مقابل أي مبلغ مادي يتحصلون عليه على حد قوله. وأضاف «تقدمت بعدة شكاوى إلا أن الروتين والإجراءات أبطلت مفعول هذه المطالب». وأوضح عمدة الحي السابق سلطان حسين الداموك، أن الحي لا زال يعج بالعمالة المخالفة ويحتضن أكثر من 82 محلا تجارياً مخالفاً وأرجع معاناة الحي إلى مكاتب العقار، مستنداً إلى دراسة شاركت فيها عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، وأفادت الدراسة أن المكاتب العقارية تستثمر في البيوت القديمة، والمهجورة، والشعبية، ومن ثم يطرحونا للإيجار للعزاب دون السؤال عن هوية المستأجر. إسكان العزاب من جهته، أكد رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بمحافظة الطائف أحمد بن ناصر العبيكان، أن اللجنة العقارية تلزم مكاتب العقار بإضافة كلمة (عوائل) في الأحياء التي لا يمكن فيها تسكين العزاب، مشيرا إلى أن توجيهات وزارة الداخلية والجهات المعنية تقضي بعدم إسكان العزاب في مكان أو شقق خاص بالعائلات، وحول الإجراءات المتخذة بحق مكاتب العقار المخالفة أشار العبيكان إلى أن اللجنة تتابع كافة مكاتب العقار، وتستقبل شكاوي المواطنين والمقيمين حولها، وفي حال ثبت مخالفة أحدهم يتم الرفع للجهات المعنية بإغلاق المكتب، وفي حال تكررت المخالفة يتم سحب الرخصة منه. منازل مهجورة وفي جولة ميدانية ل«الأسبوعية» داخل الحي، يتبين أن حي البخارية لا يتوافق مع التنمية التي تشهدها محافظة الطائف في كافة مجالاتها من حيث المشاريع المنفذة من قبل الأمانة، أو اللقب الذي حازت عليه كعاصمة للمصايف العربية كأول مدينة عربية تحصل على هذا اللقب على خلفية شوارعها المرصفة، وميادينها المتطورة، والحدائق المنتشرة في كل مكان، ولكن من تقوده قدماه داخل حي البخارية يفاجأ بالأحياء العشوائية والأزقة الضيقة، والمنازل المهجورة، إلى جانب التواجد المكثف للعمالة الوافدة أو المخالفة بالرغم من حملات الجهات الأمنية المستمرة. التنشيط السياحي إلى ذلك، قلل أمين عام لجنة التنشيط السياحي بمحافظة الطائف الدكتور محمد قاري من تأثير ذلك على السياحة الداخلية بالمحافظة وقال «الحي بعيد عن الأماكن والمناطق السياحية، ولا يؤثر أبدا، وربما الزائر لأكثر من مرة لمحافظة الطائف لا يشاهد الحي، بعكس مدن أخرى»، مؤكدا أن ذلك لا يمنع من ضرورة تحرك الجهات المعنية لمعالجة أخطاء الحي كالعمالة المخالفة، تسكين العزاب وغيرها من القضايا التي يشكوها منها أهل الحي، ويضيف قاري «الطائف مدينة جميلة، وإن كانت شهادتنا فيها غير مقبولة، لكن لقب (عاصمة المصايف العربية) الذي نالته كأول مدينة في الوطن العربي يؤكد جمالها، وهذا اللقب نالته بناء على عدة اعتبارات من منظمة السياحة العربية، ومنها الاستقرار من كافة النواحي، مشيراً إلى أن الطائف تتميز بمداخل شوارع رائعة، ونادرا ما تجد أحياء عشوائية، سوى بعض المناطق التي لا تمثل 15في المائة من المدينة. وأضاف «ما يذكر عن الطائف لا يعدو كونه تركيزا إعلاميا فقط، ولكن من حيث الأرقام والإحصائيات فهناك عشرات المدن تسبق الطائف في معدلات الجريمة، والتركيز أو الحديث في هذا الموضوع بات قضية خاسرة، حيث أثبتت الطائف أنها حقا مصيف الملوك، وعاصمة الورد والمطر،. حملات أمنية بدورها أكدت شرطة الطائف بحسب بيان لها بهذا الخصوص، أن الجهات الأمنية المعنية بالمحافظة تنفذ بالتعاون مع الجهات المختصة العديد من الحملات الأمنية على مدار العام خاصة على المواقع التي تنتشر بها العمالة المخالفة لنظام الإقامة في جميع الأحياء ومنها حي البخارية، ويضيف «هذه الحملات تعد امتدادا لما سبقها من حملات أمنية، وقد أسفرت عن القبض على العديد من المخالفين لنظام الإقامة والمقيمين بالبلاد بطريقة غير نظامية باعتبارهم مخالفين للنظام، ويتم إبعادهم إلى بلدانهم بعد التثبت من عدم تورطهم في أية قضايا جنائية»، مشيرا إلى أن وعي المواطنين وتضافر جهودهم مع رجال الأمن والمتمثل في عدم نقل مثل هؤلاء المخالفين، أو إيواؤهم أو تشغيلهم، أو التستر عليهم له دور إيجابي لا بد من الإشارة إليه.