رغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها أمانة محافظة الطائف في رصف الشوارع، وتزيينها بالورود .. حتى اشتهرت بمدينة الورد.. ومن ضمنها الطريق المؤدي إلى شارع أبوبكر الذي تلاحظ فيه نظافة الشارع وتشجيره ورصفه بطريقة جميلة ورائعة، لكن ما إن تضطر للاتجاه يمينا حتى تفاجأ بشوارع ضيقة، وحي ممتلئ بالعمالة الوافدة والمخالفين لنظام الإقامة، حتى أن غالبية لوحات المحلات التجارية تكتب ب«الأوردو» ما ينسف كل جهود البلدية المعمولة في الشوارع الرئيسية، إنه حي «البخارية» ويقال إن السبب في تسمية الحي بهذا الاسم هو أن الجالية التركستانية تقطن في ذلك الحي منذ 95 عاما. جولة «عكاظ» في حي البخارية أكدت سيطرة العمالة بنسبة 75% على كافة المحلات التجارية، حتى أن الزائر يبدأ يشعر بالقلق في ساعات متأخرة من الليل.. ويجد نفسه غريبا، فظاهرة المتخلفين ومخالفي نظام الإقامة والعمل في الحي تتفاقم، الأمر الذي أدى إلى تزايد معدلات الجريمة في الطائف، وظهور نوعيات جديدة من السلوك الإجرامي الذي يعد دخيلا على المجتمع الطائفي. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن الجوازات بمشاركة الجهات الأمنية تلقي القبض على عشرات الآلاف من المخالفين سنويا من جميع الجنسيات.. ورغم الحملات التي تقوم بها الجوازات لتنظيف الحي من المخالفين إلا أن أزقته سرعان ما تفيض بهم مرة أخرى.. وهنا أوضح ل«عكاظ» الناطق الأمني بشرطة الطائف المقدم تركي الشهري أن الجهات الامنية المعنية بالمحافظة تقوم بالتعاون مع الجهات المختصة بتنفيذ العديد من الحملات الامنية على مدار العام خصوصا على المواقع التي تنتشر بها العمالة المخالفة لنظام الاقامة بجميع الاحياء ومنها حي البخارية، وهي تعد امتدادا لما سبقها من حملات أمنية. وأكد الشهري أن الحملات اسفرت بحمد الله عن القبض على العديد من المخالفين لنظام الاقامة والمقيمين بالبلاد بطريقة غير نظامية باعتبارهم مخالفين للنظام، ويتم ابعادهم إلى بلدانهم بعد التثبت من عدم تورطهم في أية قضايا جنائية، والاحصائيات تثبت ذلك، مشيرا الى أن وعي المواطنين وتضافر جهودهم مع رجال الأمن والمتمثل في عدم نقل مثل هؤلاء المخالفين، أو ايوائهم أو تشغيلهم، أو التستر عليهم له دور ايجابي لا بد من الاشارة اليه. وبالعودة إلى تاريخ حي البخارية الذي يعد من اقدم الأحياء بالطائف فقد كان يسمى قبل «البخارية» حي «الشهداء القديم»، حتى اصبح يسمى الآن حي «الشرقية 1».. وكل ذلك لم يغير على طول الزمان من سيطرة العمالة على الحي الذي يقع في منطقة مركزية ومهمة في المحافظة، ويعتبر من أقدم أحياء مدينة الطائف. أهالي الحي مثل عثمان الحارثي، عبدالله الغامدي، وأحمد المالكي يشكون من شعبية الحي، وتكدس العمالة فيها، حتى أصبح الحي مرتعا لهم، ويقولون إن معظم العمائر فيه قديمة وشوارعه ضيقة.. مشيرين إلى أن بعض الشوارع الفرعية يتم قفلها بوقوف السيارات ما يعطل وصول سيارات الدفاع المدني أو سيارات الاسعاف، والدوريات والخدمات.. كما شكا الأهالي من تفاقم شقق العزاب في الحي، وكثرة العمالة الوافدة المتخلفة. «عكاظ» التقت كذلك بعمدة الحي سلطان حسين الداموك وقال إن حي البخارية من أقدم أحياء مدينة الطائف، وقد أطلق عليه عدة أسماء منها: الحفر، المصانع، محلة الشهداء، حارة البخارية، حي الشهداء القديم، حي الشرقية 1. وبالحديث عن العمالة المنتشرة في النادي قال الداموك إن مجموع عدد العمال في الحي يصل إلى 800 عامل، 90% منهم وافدون، مشيرا إلى أن في الحي أكثر من 82 محلا تجاريا مخالفا. وعن أسباب تكدس هذه العمالة في الحي وممارسة مختلف أنواع الجريمة والإفساد والمخالفات، قال الداموك إنه بعد الدراسة التي شارك فيها عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، مثل محافظة الطائف، شرطة المحافظة ممثلة في قسم الفيصلية، بلدية غرب الطائف، مكتب عمدة الحي، وزارة التجارة، هيئة الأمر بالمعروف، ولجنة التستر؛ ظهر أن هناك عدة أسباب من أهمها: مكاتب العقار المنتشرة في الحي حيث تخصص بعض هذه المكاتب في القيام بالاستثمار في البيوت القديمة، والمهجورة، والعمائر الشعبية القديمة جدا، وذلك بشرائها أو استئجارها، أو باستثمارها، وبعد ترميمها ترميما بسيطا يقومون بتأجيرها. أما طرق التأجير التي تشجع على السكن فإنهم يؤجرون بالغرفة، والشقة، حتى أسطح العمائر، والبدرومات حولوها غرفا سكنية للعزاب، يؤجرون كل من يرغب بالسكن سواء كان رجلا أو امرأة، متسللا، أو متخلفا، أو هاربا من كفيله، أو من أرباب السوابق المهم أن يدفع الإيجار، ويقومون بتزوير عقود الإيجار وغيره، ويتسترون على سكن العمالة المخالفة، مشيرا إلى أن مكاتب العقار المخالفة هي ثغرات أمنية خطيرة على الأمن والمجتمع.. والمفاجأة الكبرى كما يقول الداموك أنه عندما قامت إدارة البحث الجنائي بحملة تفتيش على المكاتب العقارية في الحي اتضح أن جميع مكاتب العقار مخالفة، حيث إنها مسجلة بأسماء أشخاص فيما الذين يديرونها ويعملون فيها أشخاص آخرون غير أصحابها، وبذلك أغرقوا الأحياء الشعبية بالعمالة، وبجميع أنواع الجريمة. واقترح الداموك ضرورة القيام بحملة تنفيذية مكثفة من الجهات ذات العلاقة، وترحيل العمالة الوافدة القاطنة بهذا الحي، وعقد لجان وتكليفها بإغلاق المساكن والمحلات التجارية المخالفة، مع تكثيف تواجد دوريات الجهات الأمنية والمسؤولة، وتفعيل دور مكتب العمدة في سعودة المحلات التجارية. الإدارة العامة للعلاقات العامة بأمانة الطائف كشفت ل«عكاظ» عن وجود خطة تطويرية جديدة للأحياء العشوائية، ومنها حي البخارية، وسيتم الإعلان عنها قريبا، مشيرة إلى أن الخطة ستساهم بشكل كبير في تنظيم الشوارع والمنازل، والأزقة، وستساهم بشكل كبير في القضاء على العمالة المتخلفة التي تنتشر في تلك الأحياء، وتختبئ في منازل مهجورة.