ظاهرة خطيرة جدا بدأت تنتشر في جامعاتنا الحكومية كانتشار النار في الهشيم وتتمثل في غياب عضو هيئة التدريس عن المحاضرات وبقاء الطلاب دون معلم رغم حضورهم لقاعة المحاضرات أو تلقيهم رسائل جوال أو بريد الكتروني من الأستاذ تفيد بعدم حضوره. المشكلة أكبر مما نتخيل وتتمثل في عدم التزام كثير من أعضاء هيئة التدريس بالحضور في الجامعة لإعطاء المحاضرات القليلة جدا المكلفين بها كعبء تدريسي، أما وجود عضو هيئة التدريس بالجامعة بصفة يومية في المختبرات ومراكز الأبحاث وكمرجعية أكاديمية للطلاب أصبح أمرا مستحيلا إلا من رحم ربي ممن لايزال يحترم مسؤولياته ومبادئه. الأخطر من غياب عضو هيئة التدريس المتكرر ومضي الفصل الدراسي أو المقرر دون حصول الطلاب على ربع ما يجب أن يحصلوا عليه من تدريس (والربع كثير) أقول الأخطر من الغياب هو سبب الغياب وهو أن كثيرا من أعضاء هيئة التدريس يعملون بطريقة غير نظامية في الجامعات الخاصة والأهلية، فهذه الجامعات الخاصة والأهلية لا تريد أن تتعاقد مع عضو هيئة التدريس بشكل كامل ولا تريد أن تجلب أعضاء هيئة تدريس متفرغين وبرواتب عالية لذا فهي تعمد إلى اتفاقات غير مشروعة مع أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية للتدريس فيها وهذه ظاهرة انتشرت كثيرا ويجب إيقافها فورا بتشديد الرقابة على من يعملون بالجامعات الأهلية والخاصة وتمحيص شرعية وجودهم للتدريس أو حتى الاستشارة. وزارة التعليم العالي مطالبة بهذه المراقبة وهيئة مكافحة الفساد يجب أن يكون لها دور، وللمعلومية فإن ثمة قنوات رسمية نظامية للاستفادة من وقت أعضاء هيئة التدريس الذين يرغبون العمل جزئيا في الجامعات الخاصة بطريقة مشروعة عن طريق مخاطبات رسمية بين الجامعات الخاصة والجامعات الحكومية. هذا النوع من الفساد هو من أشكال الفساد متعدد الأضرار والنتائج الوخيمة فمخرجات التعليم العالي الحكومي ستكون ضعيفة جدا لأن الطلاب لا يتلقون التعليم ويدرسون المقرر كما يجب ومخرجات التعليم العالي الخاص ستكون هي الأخرى سيئة وغير مبنية على أسس أخلاقية فأستاذ الجامعة الذي يبيع ضميره لن يتوانى عن بيع الأسئلة والنتائج، هذا إضافة إلى انعكاس الظاهرة على أخلاق الطلاب ونفسيات أعضاء هيئة التدريس الملتزمين.