للثغرات والهفوات وجوانب القصور التي تعاني منها كثير من المشاريع التنموية في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أكثر من سبب، وإذا كانت بعض هذه الأسباب صحيحة وصادقة، وتشكل معالجتها حلا للمشكلة وخارطة طريق لتصحيح المسار وتجاوز العثرات وسد الثغرات، فإن هناك أسبابا زائفة تجانب الحقيقة يتم لوي أعناقها من أجل تجنب الأسباب الحقيقية، وخطورة هذه الأسباب الزائفة تتمثل في أنها لا تسمح باستمرار الثغرات والهفوات فحسب، بل تفاقم منها وتفضي إلى مزيد من التعثر الذي ينبغي علينا أن نعترف بأنه يعتري كثيرا من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لدينا. من تلك الأسباب الزائفة والمراوغة تحميل المواطن مسؤولية ما يحدث من خلل أو ما يعرض من تقصير في هذا المجال أو ذاك، ومن شأن هذا السبب أن يمنح بعض المسؤولين الذين يلجأون إليه العذر في ما يعتري أداءهم من تقصير، في الوقت الذي يلجم فيه هذا السبب فم المواطنين، فليس لهم أن يشتكوا من تقصير هم السبب فيه، وليس من حقهم المطالبة بشيء هم علة غيابه أو عدم توفره. ولعلنا لسنا بحاجة إلى أن نضرب أمثلة على ذلك، فحسبنا أن نطلع على ما يصرح به كثير من المسؤولين في كثير من القطاعات؛ لكي نجد أن تحميلهم المواطنين المسؤولية هو أقرب وأسهل الطرق التي يبررون بها ما يحدث من تقصير وضعف في الأداء، ولا يعدم أولئك المسؤولون وقوف بعض أصحاب الرأي إلى جانبهم، وحصيلة ذلك أن يستمر الأمر على ما هو عليه، بانتظار أن يصحح المواطن خطأه ويعدل من مساره لكي تكتمل الخدمات ويتم تجاوز التقصير. ولو أدرك أولئك المسؤولون أن ما يلقونه على المواطن من مسؤولية إنما هو نتاج لخلل في الأنظمة التي تضبط جوانب العملية التنموية أو تراخٍ في تطبيق تلك الأنظمة، لعالجوا تلك الأنظمة أو أعادوا النظر في مراقبة تطبيقها والتحقق من مدى الالتزام بها، فالمواطن لا يمكن له أن يكون مسؤولا عما يفعل في ظل غياب نظام يحكم أداءه ومراقبة لمدى الالتزام بذلك النظام.