أظهرت ميزانية الدولة لعام 2014م معدل إنفاق قياسي بحوالي 855 مليار ريال وهذه الميزانية هي الأعلى تاريخيا حيث ارتفعت خلال الخمس السنوات الماضية في حدود 55 في المائة بينما تشير الأرقام إلى تراجع في الإيرادات هذا العام مقارنة بعام 2012م حيث سجلت تراجعاً بحوالي 100 مليار ريال ولا تزال إيرادات النفط تمثل المكون الأساسي للاقتصاد السعودي بحوالي 90 في المائة من إجمالي الدخل القومي، كما أظهرت الميزانية نمو القطاع الخاص بحدود تريلون ريال وهذه أرقام جيدة سوف تدعم التعزيز بين القطاعين العام والخاص، وكذلك تبشر بمزيد من الاعتماد على القطاع الخاص مستقبلا، في ظل التقلبات المتوقعة لأسعار النفط حيث نحتاج مزيداً من القيمة المضافة للقطاع الخاص وخلق فرص استثمارية جديدة، حيث إن السنوات المقبلة ستشهد تراجعاً لإيرادات النفط وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن تصبح الولاياتالمتحدة أول منتج عالمي للنفط بعد أربع سنوات، متجاوزة السعودية وروسيا وأنها ستحقق الاستقلالية على مستوى الطاقة بحلول عام 2023م، ومع ذلك تبقى احتاطيات الدولة المالية التي تتجاوز 3 تريليونات ريال عامل أمان وتستطيع أن تنفق على ميزانياتها لأكثر من 4 سنوات بدون الاعتماد على إيرادات النفط، كما أشارت بيانات الميزانية أن حجم الدين العام مع نهاية عام 2013م قد انخفض إلى 75 مليار ريال، وهو ما يمثل نحو 2.7 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي وهي نسبة ممتازة، وعندما نقارن ذلك مع حجم الدين للولايات المتحدةالأمريكية الذي يمثل 100 في المائة من الناتج القومي يتضح أن السعودية تمتلك ملاءة مالية كبيرة تساهم في الحفاظ على نمو اقتصادها حتى في ظل الازمات الاقتصادية العالمية وهذا ما ظهر جلياً خلال الأزمة الاقتصادية في عام 2009م وستظل المملكة واحدة من أفضل الدول أداء بين اقتصادات مجموعة ال 20 خلال السنوات المقبلة بفضل الإصلاحات الاقتصادية المهمة التي أدخلتها الدولة على قطاعات التنمية، معدلات البطالة هي أيضاً انخفضت في ظل فتح فرص عمل جديدة سواء في القطاع العام أو الخاص، أرقام التضخم ارتفعت بنسبة 3.5 في المائة وهذه الأرقام عالية وتؤثر على المستوى المعيشي للمواطن وخصوصاً أصحاب الأجور المتدنية إلا أنها تبقى هي الأقل عالميا، حيث إن الضغوط التضخمية تأتي من الخارج لأننا نستورد أغلبية احتياجاتنا ونستورد معها الأسعار كما هي في الخارج، بالإضافة إلى ارتباط الريال بالدولار الذي شهد انخفاضاً كبيراً خلال السنوات الماضية مقابل العملات الأخرى أثر بشكل مباشر على الأسعار التي ارتفعت ارتفاعاً كبيراً مقارنة بالماضي وتساهم إيجارات المساكن في زيادة الأعباء المالية على الأسر ولكنها سوف تكون في الحدود المعقولة خلال السنوات المقبلة مع وجود مبادرات جيدة من الدولة بتخصيص 250 مليار ريال من فائض ميزانية 2011م لتوفير مزيد من المساكن وتطوير أراض سكنية ومنحها للمواطن مع قرض الصندوق العقاري وتبقى المسؤولية الكبرى على وزارة الإسكان بسرعة تنفيذ تلك المشاريع وتطبيق نظام إيجار وفرض رسوم على الأراضي البيضاء التي تقع ضمن النطاق العمراني لتحفيز المستثمرين العقاريين لبيع أو استثمار أراضيهم للحد من غلاء أسعار الأراضي وشح المعروض.