أدى الغياب الطويل لقلعة الكؤوس ولفترة ثلاثة عقود عن تحقيق بطولة الدوري السعودي إلى طرح العديد من علامات الاستفهام حول حقيقة وأسباب ودوافع هذا الغياب الذي لا يحاكي عراقة وجماهيرية وإمكانيات هذا النادي الذي يحظى بدعم مالي وشرفي واستقرار إداري وفني وعناصري لا يتوافر لكل الأندية المحلية الأخرى. وعلى الرغم من عدم غياب الفريق عن البطولات الأخرى بمسمياتها المختلفة، وأيضا عدم غيابه عن المنافسة على بطولة الدوري إلا أن عدم تحقيقه لهذه البطولة الأهم في روزنامة المسابقات المحلية ترك غصة في حلوق جماهيره العريضة والعاشقة والصابرة خاصة أنها باتت ترى وسط كل هذه الإمكانيات المادية والفنية والعناصرية فريقها يتخبط ويتراجع ويفقد فرصة المنافسة على اللقب الذي اشتاقت له طويلا. على الرغممن تناوب على تدريبه عدد من الأسماء التدريبية العالمية أمثال «فليب سكولاري ولازروني وديدي وبرشتش» بالإضافة إلى اللاعبين الأجانب القادرين على صنع الفارق. فماذا يقول عدد من صناع القرار في الأهلي في فترات ماضية وعدد من نجومه عن أسباب هذا الغياب ومبرراته. أبو داوود: غياب المنهجية بداية أرجع الدكتور عبدالرزاق أبو داوود رئيس النادي وقائده السابق وعضو شرفه الحالي غياب الفريق الأول عن تحقيق بطولة الدوري فترة الثلاثين عاما إلى عدة أسباب جاء في مقدمتها الاستحداث المفاجئ لنظام المربع الذهبي وكان ذلك في عام 1412 في وقت كان فيه الأهلي متصدرا للدوري، إضافة إلى أن الدوري سلب من الأهلي عام 1423ه بكارثة تحكيمية أمام نادي الاتحاد في لقاء تقمص فيه الحكم دور البطولة الوهمية ونجح ومع الأسف الشديد وباقتدار في تحويل مسار اللقاء التاريخي. «كما أن الاستراتيجية الإدارية، هذا إذا كان هناك استراتيجيات اتبعت بالفعل، والتي اتبعتها الإدارات الأهلاوية والتي تعاقبت على النادي طوال الفترة الماضية لم تكن موفقة سواء في اختيار الأجهزة التدريبية أو الإدارية أو اللاعبين الأجانب ذوي القيمة الفنية الرفيعة والحاسمة، والتي من شأنها صنع الفارق وحسم اللقاءات لصالح النادي، أو من حيث الفشل في العمل على تصعيد لاعبين جيدين من الفئات السنية بأعداد كافية ومؤثرة». ويرى الدكتور عبدالرزاق أبو داوود أن السبب الرئيسي لغياب الأهلي طوال هذه الفترة عن تحقيق الدوري يتمثل في افتقاده لروح الفريق الواحد والعمل، والقدرة العملية والعلمية على الحشد والإعداد والتحضير والإدارة والمتابعة والمحاسبة، واستخدام الإمكانات الظاهرة والمساندة والقيادة والتوجيه والدعم والقدرة على المقارعة والتعامل مع المفاجآت والمواقف الصعبة بصلابة وثبات، بأدوار تكاملية متناغمة ومنسجمة كل حسب قدراته وإمكاناته، مشيرا إلى أن معظم من تربعوا على كرسي المسؤولية في الأهلي حرصوا على إحضار أصحاب الثقة والصداقة على حساب أصحاب الخبرة والكفاءة والموهبة، وبالتالي تحول النادي في دافعه وجوهره العملي والإطاري والفني من الانتماء والإخلاص والبذل والعطاء كمحفزات أساسية للعمل واللعب، إلى جهة وظيفية إداريا وفنيا ولوجستيا يجري من خلالها البحث عن المادة بلا أدنى اهتمام بحجم الإنجاز المقابل لكل هذا الزخم المادي المتصاعد، مضيفا «كما تم العمل بنظام الاحتراف الذي أدى إلى إفلاس بعض الأندية وهو في طريقه إلى القضاء على البقية الباقية منها، ما لم تتخذ إجراءات حاسمة وفورية من اتحاد اللعبة والأندية كما طالبنا مرارا وتكرارا، وهو احتراف ثبت عدم جدواه تماما، وتبين فشله الذريع، وفي الأهلي وبعد أن كان يعتمد على أبنائه المخلصين، تحول إلى نادي موظفين ولاعبين وأنصاف لاعبين يتلقون أجورا خيالية تفوق رواتب أساتذة الجامعات على سبيل المثال لا الحصر، بل وأكثر من ذلك، فتحول معظم اللاعبين إلى باحثين عن المادة والملايين ونسوا تماما واجبهم في التمثيل المشرف والعطاء والإنجاز، كما أن الافتقار لآلية محاسبة فنية وسلوكية ومنهجية واضحة كانت سببا مهما آخر في الإخفاق الأهلاوي المستمر». ووصف أبو داوود في ختام حديثه المرحلة الحالية «بالأكثر دعما» نظير الدعم المالي والمعنوي الكبير من رئيس هيئة أعضاء الشرف الأمير خالد بن عبدالله للنادي على مختلف الأصعدة ولجميع الألعاب، مبينا أن هذا الدعم السخي قل نظيره، وكان ينبغي استثماره بصورة إنجازات حقيقية تطلع إليها وحرص عليها الجمهور الأهلاوي كثيرا، آملين في تحسن أوضاع الأهلي في الفترة المقبلة. المرزوقي: المادة ليست كل شيء من جهته أوضح عضو شرف الأهلي ورئيسه السابق أحمد المرزوقي أن توفر الإمكانات المادية طوال السنوات الماضية لا يعد عاملا هاما وأساسيا في ظل غياب العوامل الأخرى والتي لا تقل أهمية عن العنصر المادي، مشيرا إلى أنها عملية تكاملية وسلسلة مترابطة لابد من توفرها جميعا في وقت واحد وبصورة تسودها الألفة والترابط والتفاهم. وأبان المرزوقي أن هذه العوامل تتمثل في إحضار أجهزة تدريبية من أصحاب الكفاءات الفنية الكبيرة والتي تملك القدرة والخبرة العريضة لإعداد الفريق قبل بداية الدوري بفترة كافية وفق منهجية واستراتيجية محددة ومنظمة وبصورة تتوافق مع إمكانيات اللاعب السعودي وتساعده على تطوير نفسه ذهنيا ونفسيا وبدنيا، مضيفا إلى ذلك عامل اللاعب وهي الأداة التي لا تقل أهمية عن الأدوات السابقة، وعندما نذكر عنصر اللاعب فأنا بالتأكيد أجمع ما بين اللاعب المحلي والأجنبي وجميعهم يجب أن يكونوا على خط متواز ومتساو من الكفاءة الفنية والقدرة على صنع الفارق الفني وتجييره لصالح الفريق نتائجيا، مبينا أن تلك العوامل متى ما توفرت بالإضافة إلى التوفيق والحظ، سيعود حينها الدوري إلى قلعة الكؤوس التي احتضنته في فترات سابقة. واعترف المرزوقي أن جميع الإدارات المتعاقبة على رئاسة النادي الأهلي طوال الثلاثين سنة الماضية بما فيهم فترة رئاسته للنادي، ارتكبت حزمة من الأخطاء سواء كانت على الصعيد الإداري أو الفني، مبينا أن الجميع عملوا واجتهدوا في عملهم وحققوا بطولات ذات النفس القصير باستثناء بطولة الدوري وهي الوحيدة من بين البطولات المحلية التي لم يحالف النادي التوفيق في تحقيقها كل هذه الفترة، معتبرا بطولة الدوري بمثابة المقياس الحقيقي للفرق البطلة، ومبديا أمله في أن تكلل الجهود المبذولة من قبل أعضاء شرف النادي وعلى رأسهم الرئيس الفخري للهيئة الشرفية الأمير خالد بن عبدالله والذي قدم الغالي والنفيس ولم يبخل على النادي ماديا ومعنويا بتحقيق بطولة الدوري خصوصا أن المتابع للرياضة بشكل عام والمهتم بالشأن الأهلاوي على وجه الخصوص يتلمسون تماما حجم الجهود المبذولة من قبل المسيرين للنادي الراقي. الطويل: قرار غير صائب في حين يرى عضو شرف النادي الأهلي وجدي الطويل أن قلعة الكؤوس لم تغب طوال الثلاثين سنة الماضية عن مقارعة الفرق والمنافسة على الدوري باستثناء الفترة القريبة الماضية والتي شهدت سيطرة ثلاثة أندية تناوبت على تحقيق الدوري وهي الهلال والاتحاد والشباب بسبب تدعيم صفوفها المستمر بأفضل اللاعبين المحليين والأجانب، وهي الفترة التي كان يرفض فيها أصحاب القرار في النادي الأهلي الدخول على خط المفاوضات مع الأندية بسبب المزايدة ورفع أسعار اللاعبين بشكل مبالغ فيه، مما أدى إلى حرمان الأهلي من منافسة الفرق الثلاثة في تحقيق بطولة الدوري. ورفض الطويل أن تكون الأسماء التدريبية الكبيرة شرطا أساسيا في تحقيق الدوري، مشيرا إلى أن النادي أحضر أسماء فنية ذائعة الصيت أمثال فيلب سكولاري وبروشتش ولازروني وديدي وسانتانا والأخير استطاع من بين تلك الأسماء التدريبية تحقيق آخر دوري للنادي، مضيفا أن تاريخ الأهلي وبطولاته المختلفة الكثيرة جاءت عن طريق أسماء فنية مغمورة في الوسط الرياضي. وأشار الطويل إلى أن الأهلي بدأ في وضع قدمه في الطريق الصحيح من خلال التعاقد مع المدرب العالمي البرتغالي فيتور بيريرا، مطالبا في الوقت نفسه إدارة الأمير فهد بن خالد بمنح المدرب وقته الكافي لخلق مزيد من الاستقرار الفني بين المدرب واللاعبين الأمر الذي سيساعده كثيرا على فرض استراتيجيته الفنية بشكل كامل، وحينها سيظهر الفريق بهوية البطل وسيحقق جميع أهدافه بما فيها بطولة الدوري. حسام: سوء طالع في المقابل رفض لاعب النادي الأهلي السابق حسام أبو داوود تحميل الإدارات المتعاقبة أسباب البعد عن تحقيق الدوري، مستشهدا بتحقيق الفريق لعدد من البطولات في الفترة الماضية، الأمر الذي يجعله يستبعد تماما دور الإدارات وتحميلها السبب الرئيسي للجفاء الطويل الذي ظل ملازما للعلاقة الأهلاوية ببطولة الدوري، وأشار أبو داوود إلى أن الأهلي لم يغب في الأصل عن المنافسة على الدوري بل كان حاضرا في فترات سابقة ولعب على النهائي وآخرها الموسم قبل الماضي عندما حقق وصافة الدوري بعد تعادله مع نظيره الشباب في المباراة الحاسمة التي جمعت الفريقين على استاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة، مبينا أن الفريق لازمه سوء الطالع وحال بينه وبين تحقيق بطولة الدوري، ومشيرا إلى أن الدوري بنظامه الجديد يحتاج إلى نفس طويل وثبات فني في السلسلة الممثلة للفريق إداريا وفنيا ولاعبين في جميع المباريات التي يخوضها الفريق وطوال مشوار الدوري. شلية: مشكلة الأهلي قديمة وكان للاعب الأهلي محمد شلية رأي آخر مختلف حيث قال إن مشكلة الأهلي تتمثل في فقدانه للنقاط السهلة أمام الفرق الأقل مستوى، مشيرا إلى أنها ثقافة لاعبين منذ القدم تناوب على تجرعها وتمثيلها على المستطيل الأخضر أسماء حضرت ومثلت النادي طوال تلك الفترة، مضيفا إن التهيئة النفسية للاعبين قبل تلك المباريات غائبة من الجميع سواء كان إداريا وحتى على الصعيد الجماهيري، فيغيب التحفيز والاهتمام وشحذ الهمم قبل المباراة فبالتالي نجد اللاعب الأهلاوي يقدم عطاء متواضعا جدا مقارنة بالمستويات التي يقدمها أمام الفرق الكبيرة أمثال الاتحاد والهلال والنصر، الأمر الذي يفقد الفريق عددا من النقاط الهامة التي هو بحاجتها للتربع على صدارة الترتيب. وبين شلية أن تلك الفترة الماضية شهدت ما يسمى بعدم التوافق ما بين اللاعبين والمدربين وحتى الجهاز الإداري، فنجد الأهلي في فترة من الفترات يضم في صفوفه أفضل اللاعبين الأجانب يقابله جهاز فني متواضع والعكس وساهم هذا الأمر في تواضع نتائج الفريق بشكل كبير ومباشر.