مجموعة من الأحياء متراصة بعشوائية.. سكانها من جنسيات عربية وآسيوية وأفريقية إلى جانب أقلية سعودية.. وأول ما يلفت انتباه زائر الحي أكوام النفايات المتناثرة في أزقته الضيقة إلى جانب طفح الصرف الصحي التي تغمر شوارعه الداخلية، فيما تعرقل الحفريات حركة السير.. وتجوب العمالة المهجورة الحي ليلاً لتثير الذعر لساكنيه.. إنه حي الكيلو (14) الواقع جنوب شرق جدة أحد العشوائيات التي تمثل الوجه الآخر لعروس البحر الأحمر. «عكاظ الأسبوعية» زارت حي كيلو (14) الشعبي والتقت بعدد من السكان الذين عبروا عن معاناتهم نتيجة تكدس النفايات في الشوارع الداخلية وبما يؤثر سلباً على صحتهم وخاصة الأطفال وكبار السن، إلى جانب الأعداد الكبيرة من العمالة السائبة والمجهولة التي تجوب الطرقات والأزقة، فيما تنتشر ظاهرة السرقات وتعاطي المخدرات بأنواعها المختلفة على حد قول السكان. في حي كيلو 14 تكثر العشوائية والفوضى، مما أفرز سطوة خفافيش الظلام التي تنشط بعد منتصف الليل وتمارس بيع الممنوعات. معاناة مستمرة بداية تحدث صالح القرشي عن معاناة قاطني الحي والمشكلات التي تعترض سبيلهم ويلمسونها بشكل يومي، وقال «مشاكل الحي عديدة، وأكثر ما يقلق مضاجعنا هو هاجس الخوف على أبنائنا من السير في الطرقات ليلاً، حيث تكثر المشاكل والاحتكاكات في الشوارع الضيقة ونسمع أصوات الاشتباكات بالأيدي بين مجموعة من الشباب ليلاً، إضافة إلى السرقات»، ويضيف «نخشى كثيراً من مروجي المخدرات الذين ينشطون في الحي فالحشيش متداول هنا كثيراً، وأيضاً نبتت (القات) خاصة وأن أعداداً كبيرة من الباعة تقطن الحي». وأردف القرشي «تستطيع أن تشاهد النفايات المكدسة هنا، مما يؤثر على الوضع الصحي لساكني الحي، كما أننا نخشى دائما من الفيروسات التي تصيب الأطفال نتيجة تجمع المياه المتسربة من بعض المنازل لتشكل بحيرات صغيرة يكثر فيها البعوض والحشرات الضارة الأخرى». من جهته، يرى إبراهيم الأحمر أن مشاكل حي كيلو 14 لا تختلف كثيراً تلك التي تشهدها أحياء جنوبجدة الأخرى، وقال «لعل من أهم معاناة الحي هي الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي عن أعمدة الإنارة في العديد من الأماكن لتتحول الشوارع إلى ظلام دامس، فيما تفتقر الكثير من الأزقة للإنارة أصلاً، ويضيف «حفريات الشوارع وتآكل الطبقة الأسفلتية بفعل الزمن الحق أضراراً جسيمة بمركباتنا في ظل غياب اهتمام الأمانة بتطوير الحي ومرافقه». وزاد «يعمد العديد من أبناء الحي أحياناً إلى جمع مبلغ مالي لإزالة النفايات المتراكمة في الشوارع فيما تملأ الأتربة والغبار المكان مما يؤثر على صحة أطفال الحي، مشيرا إلى أن البعض يستغلون الأراضي الخالية لرمي النفايات وغيرها، فيما تطفح العديد من المجاري في الأزقة بلا رقيب ويستمر هذا التدفق لأسابيع طويلة دون أن تتحرك الجهات المعنية لإزالة المشكلة». عمالة مخالفة وذكر المواطن عبدالله المسعري، أن العمالة المخالفة لنظام الإقامة أوجدت لنفسها تجمعاً تجارياً داخل الحي، وقال «هناك العديد من المحال التجارية التي تعمل دون ترخيص لمزاولة الأنشطة التجارية بلا رقابة بلدية، وأن المواد الغذائية واللحوم المكشوفة والأسماك المجففة والخضراوات والفواكه، والأطعمة وبسطات (البطاطس) بلا رقابة صحية أو أدنى الاشتراطات الصحية المتبعة». وأضاف «بعض الجاليات المخالفة التي استوطنت الحي لم تصحح أوضاعها ولم تستفد من مهلة التصحيح أصلا، وهؤلاء يشكلون خطورة على الأهالي، كونهم مجهولون ويتاجرون بالمخدرات في وضح النهار، ويثيرون المشاكل مع كل المارة من غير أبنا جلدتهم، ويتوارون عن الأنظار بمجرد اقتراب الدوريات الأمنية، وهؤلاء ينشطون بعد منتصف الليل، وتجد هنا بايعي الحشيش بكثافة، إضافة إلى من يمتهن مهنة «الكدادة» الذين ينقلون الركاب من مجهولي الهوية إلى المدن الأخرى». وزاد «في فترة الحج الماضية كان حي كيلو 14 أحد النقاط الرئيسية لنقل الحجاج بلا تصاريح، حيث يتجمعون هنا على أطراف الشارع الرئيسي لتنقلهم بعض السيارات إلى داخل مكةالمكرمة عبر طرق ملتوية»، مشيراً إلى الحي يفتقر إلى التنظيم، فيما تكثر الأزقة الضيقة والشوارع المقفلة المنزوعة الأسفلت وذات الحفر الكبيرة. أحواش وحظائر بدوره أوضح صالح الحجوري، أن المستودعات الكبيرة المنتشرة داخل الحي تضايق القاطنين وتثر حالة من القلق على الأسر خشية تعرض أطفالهم الصغار للدهس، فيما يجوب شوارع الحي أعداد كبيرة من المختلين عقلياً والتائهين ويقطنون الأحواش المنتشرة، وقال «بعض هذه الأحواش يقطن فيها المخالفون ومجهولو الهوية ومروجو المخدرات، إضافة إلى أن بعضها تحتوي على حظائر للإبل والأغنام ومستودعات للأعلاف الحيوانية». وأضاف «كيلو 14 يحتاج إلى إعادة تنظيم كلي والتخلص من البيوت العشوائية التي تسد الطرقات والتخلص من المجهولين المنتشرين داخله، وهؤلاء همهم الوحيد جمع الأموال بكل الوسائل، فيما البعض منهم يقوم بالسطو على بعض المنازل بعد رصد خروج أصحابها، فيما يجوب البقية الشوارع بحثاً عن أي عمل يجدونه». وأوضح المواطن حميد القادري، أن حي كيلو 14 بحاجة ماسة إلى زيادة الاهتمام بمستوى النظافة العامة وذلك عبر إزالة النفايات أولا بأول، وتشديد الرقابة على المجهولين والمخالفين لنظام الإقامة باستمرار من قبل الجهات الأمنية، حتى ينعم الحي بالهدوء، مع التخلص من باعة الأطعمة الفاسدة المنتشرين في الحي بشكل كبير، إضافة لصيانة شبكة الصرف الصحي التي تغمر بالمياه الآسنة الشوارع المتهالكة أصلاً، ويؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض والفيروسات التي قد تظهر في أطراف الحي أو في عمقه». وروى القادري، موقفا تعرض له في إحدى الليالي وكاد يودي بحياته وقال «هاجمني في إحدى الليالي ثلاثة أشخاص بمجرد إطفائي للمحرك، وكانوا من المجهولين الذين يريدون السطو على ما لدي من مال، ولولا مقاومتي لهم ومناداتي لإخواتي وهروب المهاجمين لكنت راقدا في أحد المستشفيات على أقل تقدير». حملات أمنية إلى ذلك، أوضح الناطق الرسمي في شرطة محافظة جدة الملازم أول نواف البوق، تنفيذ العديد من الحملات على بعض الأحياء في محافظة جدة تزامنا مع بدء الحملات التفتيشية ومنها حي كيلو «14»، وأضاف «هناك انتشار أمني ظاهر عبر الدوريات وآخر سري، مبيناً استمرار البحث الجنائي في جمع المعلومات عن تجمعات العمالة داخل الأحياء ورصدها عبر الصورة المتحركة والفوتوغرافية تمهيداً لمداهمتها، منوها بنجاح الحملات الأمنية، في الحد من المخالفات المرصودة، فضلا عن الإطاحة بعصابات مخالفي نظام الإقامة والمجهولين وغيرها من الحالات».